عليا خرج عليه السلام إليهم وخرجنا معه فانتهينا إلى عسكرهم فإذا لهم دوي كدوي النحل في قراءة القرآن وفيهم أصحاب البرانس وذوو الثفنات فلما رأيت ذلك دخلني شك فتنحيت ونزلت عن فرسي وركزت رمحي ووضعت ترسي ونثرت عليه درعي وقمت أصلي وأنا أقول في دعائي: اللهم إن كان قتال هؤلاء رضا لك فأرني من ذلك ما أعرف به أنه الحق وإن كان لك سخطا فاصرف عني إذ أقبل علي عليه السلام فنزل عن بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وقام يصلي إذ جاءه رجل فقال: قطعوا النهر ثم جاء آخر يشتد به دابته فقال: قطعوه وذهبوا.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما قطعوه ولا يقطعونه وليقتلن دون النطفة عهد من الله ورسوله صلى الله عليه وآله وقال لي: يا جندب ترى التل قلت: نعم. قال: [إن] رسول الله صلى الله عليه وآله حدثني أنهم يقتلون عنده ثم قال: إنا نبعث إليهم رسولا يدعوهم إلى كتاب الله وسنة نبيه فيرشقون وجهه بالنبل وهو مقتول قال: فانتهينا إلى القوم فإذا هم في معسكرهم لم يبرحوا ولم يترحلوا فنادى الناس وضمهم ثم أتى الصف وهو يقول: من يأخذ هذا المصحف فيمشي به إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب الله وسنة نبيه وهو مقتول وله الجنة؟ فما أجابه أحد إلا شاب من بني عامر بن صعصعة فلما رأى حداثة سنه: " قال له ارجع إلى موقفك " ثم أعاد فما أجابه أحد إلا ذلك الشاب قال: خذه أما إنك مقتول.
فمشى به حتى إذا دنا من القوم حيث يسمعهم ناداهم إذ رموا [فرموا " خ ل "] وجهه بالنبل فأقبل علينا ووجهه كالقنفذ فقال علي عليه السلام:
دونكم القوم فحملنا عليهم قال جندب: ذهب الشك عني وقتلت بكفي ثمانية.
ولما قتل الحرورية قال علي عليه السلام: التمسوا في قتلاهم رجلا مخدوجا حدى يديه مثل ثدي المرأة فطلبوه فلم يجدوه فقام فأمر بهم فقلب بعضهم على بعض فإذا حبشي إحدى عضديه مثل ثدي المرأة عليه شعرات كسبال السنور