مروق السهم من الرمية فيهم ذو الثدية يختم لي بقتلهم بالسعادة.
فلما انصرفت إلى موضعي هذا يعني بعد الحكمين أقبل بعض القوم على بعض باللائمة فيما صاروا إليه من تحكيم الحكمين فلم يجدوا لأنفسهم من ذلك مخرجا إلا أن قالوا: كان ينبغي لأميرنا أن لا يتابع من أخطأ وأن يقضي بحقيقة رأيه على قتل نفسه وقتل من خالفه منا فقد كفر بمتابعته إيانا وطاعته لنا في الخطأ وأحل لنا بذلك قتله وسفك دمه.
فتجمعوا على ذلك وخرجوا راكبين رؤوسهم ينادون بأعلى أصواتهم " لا حكم إلا لله " ثم تفرقوا فرقة بالنخيلة وأخرى بحروراء وأخرى راكبة رأسها تخبط الأرض شرقا حتى عبرت دجلة فلم تمر بمسلم إلا امتحنته فمن تابعها استحيته ومن خالفها قتلته.
فخرجت إلى الأوليين واحدة بعد أخرى أدعوهم إلى طاعة الله عز وجل والرجوع إليه فأبيا إلا السيف لا ينفعهما غير ذلك فلما أعيت الحيلة فيهما حاكمتهما إلى الله عز وجل فقتل الله هذه وهذه كانوا يا أخا اليهود لولا ما فعلوا لكانوا ركنا قويا وسدا منيعا فأبى الله إلا ما صاروا إليه.
ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة ووجهت رسلي تترى وكانوا من جلة أصحابي وأهل التعبد منهم والزهد في الدنيا فأبت إلا اتباع أختيها والاحتذاء على مثالهما وأشرعت في قتل من خالفها من المسلمين وتتابعت إلي الاخبار بفعلهم فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة أوجه السفراء والنصحاء وأطلب العتبى بجهدي بهذا مرة وبهذا مرة وأومئ بيده إلى الأشتر والأحنف بن قيس وسعيد بن قيس الأرحبي والأشعث بن قيس الكندي - فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم فقتلهم الله يا أخا اليهود عن آخرهم وهم أربعة آلاف أو يزيدون حتى لم يفلت منهم مخبر (1) فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من ترى له