في معنى الحكومة في هذه المرة لم يكن حرب النهروان ولكان عليه السلام ينهض بهم إلى معاوية ويملك الشام فإنه صلوات الله عليه حاول أن يسلك معهم مسلك التعريض والمواربة وفي المثل النبوي: الحرب خدعة. وذلك أنهم قالوا:
تب إلى الله مما فعلت كما تبنا ننهض معك إلى الحرب فقال لهم كلمة مرسلة يقولها الأنبياء والمعصومون فرضوا بها وعدوها إجابة لهم إلى سؤالهم وصفت له عليه السلام نياتهم واستخلص بها ضمائرهم من غير أن تتضمن تلك الكلمة اعترافا بكفر أو ذنب فلم يتركه الأشعث وجاء إليه مستفسرا فأفسد الامر ونقض ما دبره عليه السلام وعادت الخوارج إلى شبهتها الأولى وهكذا الدول التي تظهر فيها أمارات الزوال يتاح لها أمثال الأشعث من أولى الفساد في الأرض سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا.
ثم قال: قال المبرد ثم مضى القوم إلى النهروان وقد كانوا أرادوا المضي إلى المدائن فمن طريف أخبارهم أنهم أصابوا في طريقهم مسلما ونصرانيا فقتلوا المسلم لأنه عندهم كافر واستوصوا بالنصراني وقالوا: احفظوا ذمة نبيكم.
قال ولقيهم عبد الله بن خباب في عنقه مصحف على حمار ومعه امرأته وهي حامل فقالوا له: إن هذا الذي في عنقك ليأمرنا بقتلك!! فقال لهم: ما أحياه القرآن فأحيوه وما أماته فأميتوه.
فوثب رجل منهم على رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فيه فصاحوا به فلفظها تورعا.
وعرض لرجل منهم خنزير فضربه فقتله فقالوا: هذا فساد في الأرض وأنكروا قتل الخنزير!!
ثم قالوا لابن خباب: حدثنا عن أبيك فقال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ستكون بعدي فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه يمسي مؤمنا ويصبح كافرا فكن عبد الله المقتول ولا تكن القاتل.