طئ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنظروا ما هذا السواد؟ وقد ذهبت الخيل تركض فلم تلبث أن رجعت فقيل: هذه طئ قد جاءتك تسوق الغنم والإبل والخيل فمنهم من جاءك بهداياه وكرامته ومنهم من يريد النفوذ معك إلى عدوك فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزى الله طيا خيرا وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما فلما انتهوا إليه سلموا عليه.
قال عبد الله بن خليفة فسرني والله ما رأيت من جماعتهم وحسن هيئتهم وتكلموا فأقروا والله لعيني ما رأيت خطيبا أبلغ من خطيبهم.
وقام عدي بن حاتم الطائي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني كنت أسلمت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأديت الزكاة على عهده وقاتلت أهل الردة من بعده أردت بذلك ما عند الله وعلى الله ثواب من أحسن واتقى وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك وخالفوا عليك ظالمين فأتيناك لننصرك بالحق فنحن بين يديك فمرنا بما أحببت ثم أنشأ يقول:
فنحن نصرنا الله من قبل ذاكم * وأنت بحق جئتنا فسننصر سنكفيك دون الناس طرا بنصرنا * وأنت به من سائر الناس أجدر فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزاكم الله من حي عن الاسلام وأهله خيرا فقد أسلمتم طائعين وقاتلتم المرتدين ونويتم نصر المسلمين.
وقام سعيد بن عبيد البختري من بني بختر فقال: يا أمير المؤمنين إن من الناس من يقدر أن يعبر بلسانه عما في قلبه ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجده في نفسه بلسانه فإن تكلف ذلك شق عليه وإن سكت عما في قلبه برح به الهم والبرم وإني والله ما كل ما في نفسي أقدر أن أوديه إليك بلساني ولكن والله لأجهدن على أن أبين لك والله ولي التوفيق أما أنا فإني ناصح لك في السر والعلانية ومقاتل معك الأعداء في كل موطن وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك ولا لاحد اليوم من أهل زمانك لفضيلتك في الاسلام وقرابتك من الرسول ولن أفارقك أبدا حتى تظفر أو أموت بين يديك.