فقال لهم الأشتر إني أحالفكم وأعاقدكم على أن لا نرجع أبدا حتى نظفر أو نهلك فوقفوا معه على هذه النية والعزيمة وزحف نحو الميمنة وثاب إليه ناس تراجعوا من أهل الصبر والوفاء والحياء فأخذ لا يصمد لكتيبة إلا كشفها ولا بجمع الإجازة ورده.
410 - فروي عن مولى للأشتر قال: لما اجتمع إلى الأشتر من كان انهزم من الميمنة حمل على صفوف أهل الشام حتى كشفهم فألحقهم بمضارب معاوية وذلك بين العصر والمغرب.
411 - وعن زيد بن وهب أن عليا عليه السلام لما رأى ميمنته قد عادت إلى موقفها ومصافها وكشفت من بإزائها أقبل حتى انتهى إليهم فقال: قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم تحوزكم الجفاة الطغام أعراب أهل الشام وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم وعمار الليل بتلاوة القرآن وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون فلولا قتالكم بعد إدباركم وكركم بعد انحيازكم وجب عليكم ما وجب على المولي يوم الزحف وكنتم فيما أرى من الهالكين.
ولقد هون علي بعض وجدي وشفى بعض لاعج نفسي أن رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم فأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم تحسونهم بالسيف يركب أولهم آخرهم كالإبل المطرودة الهيم فالآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة وثبتكم اليقين.
وليعلم المنهزم أنه مسخط ربه وموبق نفسه وفي الفرار موجدة الله عليه والذل لازم عليه (1) ومفسدة العيش عليه وإن الفار لا يزيد الفرار في عمره ولا يرضي ربه لموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا