في دين قد أخرجكم الله منه بحسن البصيرة فطيبوا عباد الله نفسا بدمائكم دون دينكم فإن الفرار فيه سلب العز والغلبة على الفئ وذل المحيا والممات وعار الدنيا والآخرة وسخط الله وأليم عقابه.
ثم قال: أيها الناس أخلصوا إلي مذحجا فاجتمعوا إليه فقال عضضتم بصم الجندل والله ما أرضيتم اليوم ربكم ولا نصحتم له في عدوه وكيف ذلك وأنتم أبناء الحرب وأصحاب الغارات وفرسان الطرار وحتوف الاقران ومذحج الطعان الذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم ولم تطل دماؤهم ولم يعرفوا في موطن من المواطن بخسف، وأنتم سادة مصركم (1) وأعز حي في قومكم وما تفعلوا في هذا اليوم مأثور بعد اليوم فأتقوا مأثور الحديث في غد واصدقوا عدوكم اللقاء فإن الله مع الصابرين والذي نفسي بيده ما من هؤلاء - وأشار بيده إلى أهل الشام - رجل في مثل جناح البعوضة من دين الله، الله ما أحسنتم اليوم القراع أجلوا سواد وجهي يرجع في وجهي دمي [و] عليكم بهذا السواد الأعظم فإن الله لو قد فضه تبعه من بجانبيه كما يتبع السيل مقدمه.
فقالوا: خذ بنا حيث أحببت فصمد بهم نحو عظمهم واستقبله سنام من همدان (2) وهم نحو ثمان مائة مقاتل قد انهزموا آخر الناس وكانوا قد صبروا في ميمنة علي حتى قتل منهم مائة وثمانون رجلا وأصيب منهم أحد عشر رئيسا كلما قتل منهم رئيسا أخذ الراية آخر [فانصرفوا وهم يقولون ليت لنا عديدا من العرب يحالفوننا ثم نستقدم نحن وهم فلا ننصرف حتى نقتل أو نظهر] (3)