ذكرت فيكم من المدح والتطرية بعد التذكير والموعظة رهبة مني لكم ولا رغبة في شئ مما قبلكم فإني لا أريد المقام بين أظهركم إنشاء الله لأمور تحضرني قد يلزمني القيام بها فيما بيني وبني الله لا عذر لي في تركها ولا علم لكم بشئ منها حتى يقع مما أريد أن أخوضها مقبلا ومدبرا فمن أراد أن يأخذ بنصيبه منها فليفعل فلعمري إنه للجهاد الصافي صفاه لنا كتاب الله ولا الذي أردت به من ذكر بلادكم موجدة مني عليكم لما شاققتموني غير أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لي يوما وليس معه غيري: إن جبرئيل الروح الأمين حملني على منكبه الأيمن حتى أراني الأرض ومن عليها وأعطاني أقاليدها وعلمني ما فيها وما قد كان على ظهرها وما يكون إلى يوم القيامة ولم يكبر ذلك علي كما لم يكبر على أبي آدم علمه الأسماء كلها ولم يعلمها الملائكة المقربون وإني رأيت بقعة على شاطئ البحر تسمى البصرة فإذا هي أبعد الأرض من السماء وأقربها من الماء وإنها لأسرع الأرض خرابا وأخشنها ترابا وأشدها عذابا ولقد خسف بها في القرون الخالية مرارا وليأتين عليها زمان وإن لكم يا أهل البصرة وما حولكم من القرى من الماء ليوما عظيما بلاؤه وإني لأعرف موضع منفجره من قريتكم هذه ثم أمور قبل ذلك تدهمكم أخفيت عنكم وعلمناه فمن خرج [منها] عند دنو غرقها فبرحمة من الله سبقت له، ومن بقي فيها غير مرابط بها فبذنبه وما الله بظلام للعبيد.
فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني من أهل الجماعة ومن أهل الفرقة؟ ومن أهل البدعة ومن أهل السنة؟
فقال: إذا سألتني فافهم عني ولا عليك أن لا تسأل أحدا بعدي.
أما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا وذلك الحق عن أمر الله وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله).
وأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ولمن اتبعني وإن كثروا.