الاعصار بعدهم إلى وقتنا هذا انتهى (1).
وقال التفتازاني في شرح المقاصد، محتجا على إمامة أبى بكر: لنا وجوه الأول وهو العمدة إجماع أهل الحل والعقد على ذلك، وإن كان من البعض بعد تردد وتوقف على ما روى أن الأنصار قالوا منا أمير ومنكم أمير، وأن أبا سفيان قال أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي عليكم تيم؟ والله لأملأن الوادي خيلا ورجلا، وذكر في صحيح البخاري وغيره من كتب الأصحاب أن بيعة علي كانت بعد توقف، وفي إرسال أبي بكر وعمر أبا عبيدة بن الجراح إلى علي (عليه السلام) رسالة لطيفة روتها الثقات باسناد صحيح يشتمل على كلام كثير من الجانبين، وقليل غلظة من عمر، وعلى أن عليا (عليه السلام) جاء إليهما ودخل فيما دخلت فيه الجماعة، وقال حين قام من المجلس:
بارك الله فيما ساءني وسركم، فما روي أنه لما بويع لأبي بكر وتخلف علي (عليه السلام) و الزبير ومقداد وسلمان وأبو ذر أرسل أبو بكر من الغد إلى علي (عليه السلام) فأتاه مع أصحابه فبايعه وسائر المتخلفين محل نظر انتهى.
وقال في موضع آخر من الكتاب المذكور: وتنعقد الإمامة بطرق: أحدها بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس من غير اشتراط عدد ولا اتفاق الكل من سائر البلاد، بل لو بايع واحد مطاع كفت بيعته، ثم قال فيه: طريق ثبوت الإمامة عندنا وعند المعتزلة والخوارج والصالحية خلافا للشيعة، اختيار أهل الحل والعقد وبيعتهم، من غير أن يشترط إجماعهم على ذلك، ولا عدد محدود، بل ينعقد بعقد واحد منهم، ولهذا لم يتوقف أبو بكر إلى انتشار الاخبار في الأقطار، ولم ينكر عليه أحد، وقال عمر لأبي عبيدة: أبسط يدك لا بايعك، فقال: أتقول هذا وأبو بكر حاضر؟ فبايع أبا بكر، وهذا مذهب الأشعري إلا أنه يشترط أن يكون ذلك العقد بمشهد من الشهود، لئلا يدعى الاخر عقدا سرا متقدما على هذا العقد انتهى (2).