بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٦٦
الاجماع، قلنا: ذلك أيضا ممنوع، لما عرفت من عدم بيعة علي (عليه السلام) وأصحابه له بعد ستة أشهر أيضا، ولو سلم أنه صفق على يده كما يفعله أهل البيعة، فلا ريب في أن سعد بن عبادة وأولاده لم يتفقوا على ذلك، ولم يبايعوا أبا بكر ولا عمر، كما قال ابن عبد البر في الاستيعاب (1) في ترجمة أبي بكر أنه بويع له بالخلافة في اليوم الذي قبض فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سقيفة بني ساعدة، ثم بويع البيعة العامة يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم، وتخلف عن بيعته سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج وفرقة من قريش.
وروى أيضا ابن عبد البر في الكتاب المذكور (2) وابن حجر العسقلاني في الإصابة (3) أن سعدا لم يبايع أحدا من أبي بكر وعمر ولم يقدروا على إلزامه كالزامهم لغيره، لكثرة أقوامه من الخزرج، فاحترزوا عن فتنتهم، ولما وصل حكومة أهل الاسلام إلى عمر، مر ذات يوم سعد على سوق المدينة فوقع عليه نظر عمر و قال له: ادخل يا سعد في بيعتنا أو اخرج من هذا البلد، فقال سعد: حرام علي أن أكون في بلد أنت أميره، ثم خرج من المدينة إلى الشام، وكانت له قبيلة كثيرة في نواحي دمشق، كان يعيش في كل أسبوع عند طائفة منهم، ففي تلك الأيام كان يذهب يوما من قرية إلى أخرى، فرموه من وراء بستان كان على طريقه بسهم فقتل.
وقال صاحب روضة الصفا (4) ما معناه إن سعدا لم يبايع أبا بكر وخرج إلى الشام وقتل بعد مدة فيها بتحريك بعض العظماء.
وقال البلاذري في تاريخه (5) إن عمر بن الخطاب أشار إلى خالد بن الوليد ومحمد .

(١) الاستيعاب ٢ / ٦٥٥.
(٢) الاستيعاب ١ / ٣٣٣ راجع الرقم ٢٣٣٧.
(٣) الإصابة ٢ / ٢٧ ط مصر.
(٤) روضة الصفا ٢ / ٢١٩.
(٥) قد مر عن تاريخ البلاذري ص ١٨٣ نص في ذلك راجعه، وهكذا مر ص ٣٤٦ نصوص آخر من المسعودي في مروجه وشارح النهج الحديدي في موضعين من شرحه راجعه ان شئت.
ونص البلاذري مرة أخرى في تاريخه أنساب الأشراف 1 / 589 بنحو أبسط حيث قال: حدثني المدائني عن ابن جعدبة عن صالح بن كيسان; وعن أبي مخنف، عن الكلبي و غيرهما أن سعد بن عبادة لم يبايع أبا بكر وخرج إلى الشام فبعث عمر رجلا وقال: ادعه إلى البيعة واحتل له، وان أبى فاستعن بالله عليه، فقدم الرجل الشام فوجد سعدا في حائط بحوارين، فدعاه إلى البيعة، فقال: لا أبايع قرشيا أبدا. قال: فانى أقاتلك، قال: وان قاتلتني، قال: أفخارج أنت مما دخلت فيه الأمة؟ قال: أما من البيعة فانى خارج، فرماه بسهم فقتله، وروى أن سعدا رمى في حمام وقيل كان جالسا يبول فرمته الجن وقال قائلهم:
قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة * رميناه بسهمين فلم نخط فؤاده فكما ترى لم يذكر في مقاله هذا ولا في مقاله المنقول ص 183، أن المباشر لقتله من كان؟ ولعله ذكره في مورد آخر لم يطبع من كتابه بعد، فليراجع مظانها كترجمة أبى بكر (ج 2 / 470 المخطوطة بالاستانة) وترجمة خالد بن الوليد (2 / 540 المخطوطة) وترجمة عمر بن الخطاب (2 / 577 المخطوطة) وترجمة المغيرة بن شعبة (2 / 1211 المخطوطة)
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست