بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٤٥
فقال عمر: هيهات لا يجتمع سيفان في غمد إن العرب لا ترضى أن تؤمركم ونبيها من غيركم، وليس تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، و أول الأمر منهم (1) لنا بذلك الحجة الظاهرة، على من خالفنا والسلطان المبين على من نازعنا، من ذا يخاصمنا في سلطان محمد وميراثه؟ ونحن أولياؤه وعشيرته؟ إلا مدل بباطل أو متجانف لاثم، أو متورط في هلكة.
فقام الحباب وقال: يا معاشر الأنصار لا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من الامر، فان أبوا عليكم ما أعطيتموهم فأجلوهم عن بلادكم، وتولوا هذا الامر عليهم، فأنتم أولى الناس بهذا الامر إنه دان لهذا الامر بأسيافكم من لم يكن يدين له، أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، إن شئتم لنعيدنها جذعة والله لا يرد أحد علي ما أقول إلا حطمت أنفه بالسيف.
قال: فلما رأى بشير بن سعد الخزرجي ما اجتمعت عليه الأنصار من أمر سعد بن عبادة وكان حاسدا له، وكان من سادة الخزرج، قام فقال أيها الأنصار إنا وان كنا ذوي سابقة، فانا لم نرد بجهادنا وإسلامنا إلا رضى ربنا وطاعة نبينا، ولا ينبغي لنا أن نستظهر بذلك على الناس، ولا نبتغي به عوضا من الدنيا (2) إن محمدا رجل من قريش وقومه أحق بميراث أمره، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الامر، فاتقوا الله ولا تنازعوهم ولا تخالفوهم.
فقام أبو بكر وقال: هذا عمر وأبو عبيدة، بايعوا أيهما شئتم، فقالا: والله لا نتولى هذا الامر عليك، وأنت أفضل المهاجرين، وثاني اثنين، وخليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الصلاة، والصلاة أفضل الدين، أبسط يدك نبايعك،

(1) في المصدر: وأولوا الامر منهم.
(2) كلام بشير بن سعد هذا كلام حق أريد به باطل. أراد أن يرد على الحباب و يحطم أنفه بالحق، والحق غالب حاطم، لكنه نسي أو تناسى أن رسول الله إنما عقد الخلافة لوزيره وصهره علي بن أبي طالب يوم غدير خم، فلا مجال لأي مسلم أن يحتج للإمامة بالقرابة أو النصرة
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست