بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٢٦٣
المنبر؟ قلت: لا، ولكن رأيت شيخا كبيرا يتوكأ على عصاه بين عينيه سجادة شديد التشمير، صعد المنبر أول من صعد وخر وهو يبكي ويقول " الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك في هذا المكان، أبسط يدك " فبسط يديه فبايعه، ثم قال:
" يوم كيوم آدم " ثم نزل فخرج من المسجد (1).
فقال على (عليه السلام): يا سلمان أتدري من هو؟ قلت: لا، ولقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال علي (عليه السلام): فان ذلك إبليس لعنه الله، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إياي يوم غدير خم بما أمره الله، فأخبرهم بأني أولى بهم من أنفسهم، وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأقبل إلى إبليس أبا لستة ومردة أصحابه، فقالوا إن هذه الأمة أمة مرحوم معصومة فما لك ولا لنا عليهم سبيل، وقد أعلموا مفزعهم وإمامهم بعد نبيهم، فانطلق إبليس كئيبا حزينا.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): فأخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لو قبض أن الناس سيبايعون أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد تخاصمهم بحقنا وحجتنا، ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مشمر يقول كذا وكذا، ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبالسته; فيخرون سجدا ويقولون يا سيدهم يا كبيرهم أنت الذي أخرجت آدم من الجنة، فيقول أي أمة لم تضل بعد نبيها؟ كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل، فكيف رأيتموني صنعت بهم حين تركوا ما أمرهم الله به من طاعته، وأمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2) وذلك قوله تعالى " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين (3).
.

(١) كأن سلمان رحمه الله رأى ذلك بعين الكشف، وقد كان خليقا بذلك.
(٢) ترى الحديث من أوله إلى هنا في الكافي ٨ / 343 - 344 باسناده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن سليم بن قيس الهلالي.
(3) سبأ: 20
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست