بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٢٦٤
قال سلمان: فلما أن كان الليل، حمل علي (عليه السلام) فاطمة (عليها السلام) على حمار وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين (عليهما السلام)، فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتاه في منزلة، فذكرهم حقه، ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب له منهم إلا أربعة وأربعون رجلا، فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقين رؤوسهم، معهم سلاحهم، ليبايعوه على الموت، فأصبحوا فلم يواف منهم أحد إلا أربعة فقلت لسلمان:
من الأربعة؟ فقال: أنا وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام، ثم أتاهم علي (عليه السلام) من الليلة المقبلة، فناشدهم فقالوا نصبحك بكرة، فما منهم أحد أتاه غيرنا، ثم أتاهم الليلة الثالثة: فما أتاه غيرنا (1).
فلما رأى علي (عليه السلام) غدرهم، وقلة وفائهم له، لزم بيته، وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتى جمعه، وكان في الصحف والشظاظ و الأكتاف والرقاع، فلما جمعه كله وكتبه بيده: تنزيله وتأويله، والناسخ منه و المنسوخ، بعث إليه أبو بكر اخرج فبايع، فبعث إليه علي (عليه السلام) أني مشغول وقد آليت على نفسي يمينا أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أولف القرآن وأجمعه (2).

(١) راجع شرح ذلك في ص ١٨٦ من هذا الجزء.
(٢) راجع نصوص ذلك ص ٢٠٥ من هذا الجزء نقلا عن منتخب كنز العمال ٢ / ١٦٢ شرح النهج الحديدي ٢ / ١٦.
وأخرج ابن شهرآشوب السروي في مناقبه ٢ / ٤١ عن أبي نعيم في حليته والخطيب في أربعينه بالاسناد عن السدى عن عبد خير عن علي (عليه السلام) قال: لما قبض رسول الله أقسمت - أو حلفت - أن لا أضع رداي على ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت رداي حتى جمعت القرآن.
قال: وفى أخبار أهل البيت (عليهم السلام) " أنه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه الا للصلاة حتى يؤلف القرآن ويجمعه " فانقطع عنهم مدة إلى أن جمعه ثم خرج إليهم به في ازار يحمله وهم مجتمعون في المسجد، فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع ألبسته فقالوا: لأمر ما جاء به أبو الحسن، فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم ثم قال: ان رسول الله قال: انى مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي، أهل بيتي، وهذا الكتاب وأنا العترة، فقام إليه الثاني فقال له: ان يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما، فحمل (عليه السلام) الكتاب وعاد به، بعد أن ألزمهم الحجة.
وقال السيوطي في الاتقان: قال ابن حجر: " وقد ورد عن علي أنه جمع القرآن على ترتيب النزول عقيب موت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أخرجه ابن أبي داود في المصاحف قال محمد بن سيرين: لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم " ثم أخرج السيوطي حديث عبد خير باللفظ الذي مر عن المناقب من كتاب الحلية والأربعين وحديث ابن سيرين باللفظ الذي مر عن المنتخب ص ١٨٦ من هذا الجزء عن كتاب المصاحف لابن أبي داود.
وروى ابن النديم في فهرسته ص ٤٧ عند الكلام في ترتيب سورة القرآن في مصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: قال ابن المنادى باسناده عن عبد خير عن علي (عليه السلام) أنه رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأقسم أنه لا يضع على ظهره رداه حتى يجمع القرآن فجلس في بيته ثلاثة أيام حتى جمع القرآن، فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه...
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست