قال سلمان: فلما أن كان الليل، حمل علي (عليه السلام) فاطمة (عليها السلام) على حمار وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين (عليهما السلام)، فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتاه في منزلة، فذكرهم حقه، ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب له منهم إلا أربعة وأربعون رجلا، فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقين رؤوسهم، معهم سلاحهم، ليبايعوه على الموت، فأصبحوا فلم يواف منهم أحد إلا أربعة فقلت لسلمان:
من الأربعة؟ فقال: أنا وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام، ثم أتاهم علي (عليه السلام) من الليلة المقبلة، فناشدهم فقالوا نصبحك بكرة، فما منهم أحد أتاه غيرنا، ثم أتاهم الليلة الثالثة: فما أتاه غيرنا (1).
فلما رأى علي (عليه السلام) غدرهم، وقلة وفائهم له، لزم بيته، وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتى جمعه، وكان في الصحف والشظاظ و الأكتاف والرقاع، فلما جمعه كله وكتبه بيده: تنزيله وتأويله، والناسخ منه و المنسوخ، بعث إليه أبو بكر اخرج فبايع، فبعث إليه علي (عليه السلام) أني مشغول وقد آليت على نفسي يمينا أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أولف القرآن وأجمعه (2).