بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٢٦٠
فعاقبه الله أن وجئ في عنقه حتى صيرت كهيئة السلعة حمراء، وأبو ذر كان منه إلى وقت الظهر، فعاقبه الله إلى أن سلط عليه عثمان حتى حمله على قتب، وأكل لحم أليتيه، وطرده عن جوار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأما الذي لم يتغير منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى فارق الدنيا طرفة عين فالمقداد بن الأسود (1) لم يزل
(١) وقد كان متصلبا شجاعا ذا بأس وصولة في يقين وهو صاحب المقالة المعروفة في بدر على ما نقله أصحاب السير:
روى ابن هشام في السيرة ١ / ٦١٤ أن رسول الله (صلى الله عليه آله وسلم) لما أتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، استشار الناس وأخبرهم عن قريش فقام أبو بكر الصديق فقال و أحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: " اذهب أنت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون " ولن اذهب أنت وربك فقاتلا أنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى برك الغماد (موضع باليمن، أو هو أقصى هجر، أو مدينة بالحبشة) لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فقال له رسول الله خيرا ودعا له به، راجع في ذلك أسد الغابة ج ٤ / ٤١٠، تاريخ الطبري ٢ / ٤٣٤، تاريخ البلاذري ١ / ٢٩٣ الأغاني لأبي الفرج ٤ / ١٧٦ و ١٧٧ ط دار الكتب ولفظه:
قال عبد الله بن مسعود: شهدت من المقداد مشهدا لان أكون صاحبه أحب إلى مما في الأرض من كل شئ كان رجلا فارسا وكان رسول الله إذا غضب احمارت وجنتاه فأتاه المقداد على تلك الحال فقال: أبشر يا رسول الله فوالله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا أنا ههنا قاعدون ولكن والذي بعثك بالحق لنكونن بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وشمالك أو يفتح الله تبارك وتعالى.
ومثل ذلك في طبقات ابن سعد ج ٣ ق ١ / ١١٥ باختصار، وروى الهيثمي مثل الأول في مجمع الزوائد ٨ / 307 باسناده عن انس وظاهر لفظه أن مقالته تلك كانت في غزوة الحديبية عند بيعة الشجرة.