بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٢٧١
من بطنها (1) فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت - صلى الله عليها - من ذلك شهيدة.
قال: ولما انتهى بعلي (عليه السلام) إلى أبي بكر انتهره عمر وقال: له بايع ودع عنك هذه الأباطيل فقال له علي (عليه السلام): فإن لم أفعل فما أنتم صانعون؟ قالوا نقتلك ذلا وصغارا، فقال إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله (صلى الله عليه وآله) قال أبو بكر أما عبد الله فنعم وأما أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما نقر لك بهذا، قال أتجحدون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخا بيني وبينه؟ قال: نعم، فأعاد ذلك عليه ثلاث مرات (2).

(١) صرح بذلك النظام على ما في كتاب الملل والنحل للشهرستاني ٨٣ قال: ان عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين (المحسن) من بطنها وكان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها، وما كان في الدار غير على وفاطمة والحسن والحسين " أقول: والمحسن كان سماه رسول الله بذلك الاسم حينما سما حسنا فقال: ومن بعد حسن حسين ومن بعده محسن كأسماء أولاد هارون، صرح بذلك الفيروزآبادي في القاموس (شبر) قال: وشبر كبقم وشبير كقمير ومشبر كمحدث أبناء هارون (عليه السلام) قيل وبأسمائهم سمى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن والحسين والمحسن، ولفظ أبى نعيم في الحلية وابن منده على ما أخرجه في منتخب كنز العمال ٥ / ١٠٤ " فقال ما سميته يا علي؟ قال: سميته جعفرا يا رسول الله قال:
لا، ولكنه حسن وبعده حسين.
وترى مثل ذلك في أنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٤٠٤.
(٢) قال ابن إسحاق (سيرة ابن هشام ١ / ٥٠٤:) آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال فيما بلغنا: تأخوا في الله أخوين أخوين، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: هذا أخي، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيد المسلمين واما المتقين ورسول رب العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أخوين.
الحديث.
وروى الترمذي في سننه ٥ / ٣٠٠ تحت الرقم ٣٨٠٤ باسناده عن ابن عمر قال:
آخى رسول الله بين أصحابه فجاء على تدمع عيناه فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد! فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنت أخي في الدنيا والآخرة.
وروى ابن سعد في الطبقات ٣ ق ١ / ١٤ باسناده عن محمد بن عمر بن علي عن أبيه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين آخى بين أصحابه وضع يده على منكب على ثم قال: أنت أخي ترثني و أرثك.
فحديث المؤاخاة هذه رواه البلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٢٧٠، وابن حنبل في مسنده ١ / ٢٣٠، والحافظ البغدادي في تاريخ بغداد ١٢ / ٢٦٨ والخوارزمي في المناقب ٩٠ والمحب الطبري في رياضه ٢ / ٢٠٩ وفى الذخائر ٨٩ والهيتمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٧٣ وابن حجر في الإصابة ٢ / ٢٣٤، لسان الميزان ٣ / ٩ والحاكم في مستدركه ٣ / ١٤ و ٢١٧، وحسام الدين الهندي في منتخب كنز العمال ٥ / ٤٥ و ٤٦، إلى غير ذلك مما تجده في ذيل الاحقاق للعلامة المرعشي دامت بركاته ج ٤ / ١٧١ - ٢٠٩.
وناهيك من ذلك مؤاخاته مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر من الله عز وجل في بدء الاسم حين نزل قوله تعالى: " وأنذر عشيرتك الأقربين " فجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قومه خاصة ثم تكلم فقال:
يا بنى عبد المطلب! انى والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، انى قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال على: فأحجم القوم جميعا وقلت - وانى لا حدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا -: أنا يا نبي الله! أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثم قال: ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا.
راجع تاريخ الطبري ٢ / ٣٢١; كامل ابن الأثير ٢ / ٢٤، تاريخ أبي الفداء ١ / ١١٦ والنهج الحديدي ٣ / ٢٥٤، مسند الإمام ابن حنبل ١ / ١٥٩ جمع الجوامع ترتيبه ٦ / ٤٠٨، كنز العمال ٦ / ٤٠١.
وهذه المؤاخاة مع أنه كانت بأمر الله عز وجل إنما تحققت بصورة البيعة والمعاهدة (الحلف) ولم يكن للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأخذ أخا ووزيرا وصاحبا وخليفة غير ولا لعلى أن يقصر في مؤازرته ونصرته والنصح له ولدينه كمؤازرة هارون لموسى على ما حكاه الله عز وجل في القرآن الكريم.
ولذلك ترى رسول الله ص حين يؤاخى بعد ذلك المجلس بين المهاجرين بمكة فيؤاخي بين كل رجل وشقيقه وشكله: يؤاخى بين عمر وأبى بكر وبين عثمان وعبد الرحمن ابن عوف وبين الزبير وعبد الله بن مسعود، وبين عبيدة بن الحارث وبلال وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص، وبين أبى عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبى حذيفة وبين حمزة ابن عبد المطلب وزيد بن حارثة الكلبي (راجع سيرة ابن هشام ١ / ٥٠٤، المحبر ٧١ - ٧٠ البلاذري ١ / ٢٧٠) يقول لعلى (عليه السلام): والذي بعثني بالحق نبيا ما أخرتك الا لنفسي، فأنت منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدى، وأنت أخي ووارثي، وأنت معي في قصرى في الجنة.
ثم قال له: وإذا ذاكرك أحد فقل: أنا عبد الله وأخو رسوله ولا يدعيها بعدى الا كاذب مفتر (الرياض النضرة ٢ / ١٦٨ منتخب كنز العمال ٥ / ٤٥ و ٤٦).
ولذلك نفسه تراه ص حينما عرض نفسه على القبائل فلم ترفعوا إليه رؤوسهم ثم عرض نفسه على بنى عامر بن صعصعة قال رجل منهم يقال له بيحرة بن قراس بن عبد الله بن سلمة الخيرين قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة: والله لو أنى أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال لرسول الله: أرأيت ان بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الامر من بعدك؟ قال: الامر إلى الله يضعه حيث يشاء، قال:
فقال له: أفتهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الامر لغيرنا؟ لا حاجة لنا بأمرك فأبوا عليه (راجع سيرة ابن هشام ١ / ٤٢٤، الروض الأنف ١ / ٢٦٤، بهجة المحافل ١ / ١٢٨، سيرة زيني دحلان ١ / ٣٠٢، السيرة الحلبية ٢ / 3).
فلو لا أنه ص كان تعاهد مع علي (عليه السلام) بالخلافة والوصاية بأمر من الله عز وجل قبل ذلك لما ردهم بهذا الكلام المؤيس، وهو بحاجة ماسة من نصرة أمثالهم وأما حيازة ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد عرفت شرحه في ص 224 من هذا الجزء راجعه ان شئت.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست