بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٦٧
على أن التمسك بصلاته (صلى الله عليه وآله) خلف أبي بكر في إثبات الفضل لأبي بكر حماقة عجيبة، إذ هو من قبيل الاستدلال بمقدمة مع الاعتراف بنقيضها، فان التقدم في الصلاة لو دل على فضل الامام لكان أبو بكر أفضل من الرسول صلى الله عليه وآله، وإلا فانقلع الأساس من أصله، وقد نبهناك عليه فلا تغفل.
ثم قال السيد رضي الله عنه: ومما يدل على بطلان هذه الدعوى أنه (صلى الله عليه وآله) لو لم يعز له عند خروجه عن الصلاة، لما كان فيما وردت به الرواية من الاختلاف في أنه (صلى الله عليه وآله) لما صلى بالناس ابتدء من القرآن من حيث ابتدء أبو بكر أو من حيث انتهى معنى، على أنا لا نعلم لو تجاوزنا عن جميع ما ذكرناه وجها يكون منه خبر الصلاة شبهة في النص، مع تسليم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بها أيضا، لان الصلاة ولاية مخصوصة في حالة مخصوصة لا تعلق لها بالإمامة، لان الإمامة تشتمل على ولايات كثيرة من جملتها الصلاة، ثم هي مستمرة في الأوقات كلها، فأي نسبة مع ما ذكرناه بين الامرين.
على أنه لو كانت الصلاة دالة على النص، لم يخل من أن يكون دالة من حيث كانت تقديما في الصلاة، أو من حيث اختصت، مع أنها تقديم فيها بحال المرض فان دلت من الوجه الأول، وجب أن يكون جميع من قدمه الرسول في طول حياته للصلاة إماما للمسلمين، وقد علمنا أنه (صلى الله عليه وآله) قد ولي الصلاة جماعة لا يجب شئ من هذا فيهم، وإن دلت من الوجه الثاني فالمرض لا تأثير له في إيجاب الإمامة، فلو دل تقديمه في الصلاة في حال المرض على الإمامة، لدل على مثله التقديم في حال الصحة، ولو كان للمرض تأثير لوجب أن يكون تأميره أسامة بن زيد وتأكيده أمره في حال المرض - مع أن ولايته تشتمل على الصلاة وغيرها - موجبا للإمامة، لأنه لا خلاف في أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقول إلى أن فاضت نفسه الكريمة صلوات الله عليه وآله: " نفذوا جيش أسامة " ويكرر ذلك ويردده.
فان قيل لم تدل الصلاة على الإمامة من الوجهين اللذين أفسدتموهما، لكن
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست