بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٥٣
وبعد التنزل عن هذا المقام نقول: رواياتها تشتمل على أنواع من الاختلاف فكثير منها تدل على أنه لما جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جلس إلى جنب أبي بكر وبعضها يدل على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بين يدي أبي بكر يصلي قاعدا وأبو بكر يصلي بالناس والناس خلف أبي بكر، وبعضها يدل على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في الصف ولعل عائشة في بعض المواطن استحيت في حضور طائفة من العارفين بصورة الواقعة فقربت كلامها إلى ما رواه أصحابنا من أنه (صلى الله عليه وآله) تقدمه في الصلاة وعزله عن الإمامة، وفي الجهلة البالغين غايته قالت: كان في الصف، هذا هو الصحيح في وجه الجمع بين تلك الأخبار.
ومن جملة وجوه اختلافها أن كثيرا منها يدل على أن الناس كانوا يصلون بصلاة أبي بكر، وفي بعضها تصريح بأنهم كانوا يأتمون بأبي بكر، وفي بعضها أنه يسمعهم التكبير، وتفطن لذلك شارح المواقف ففسر بعد ما ذكر رواية البخاري عن عروة، عن أبيه (1) عن عائشة المشتملة على أن الناس كانوا يصلون بصلاة أبي بكر قال: أي بتكبيره، والصحيح في وجه الجمع هو ما ذكرنا.
ومن جملتها أن في بعض الأخبار أن أبا بكر أراد أن يتأخر فأشار إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لا يتأخر، ويبعد من ديانة أبي بكر أن يخالف أمره، وفي بعضها تصريح بأنه تأخر وقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جنبه.
.

(1) راجع الحديث الثاني، وأما عروة فقد كان من المنحرفين عن علي (عليه السلام) مشهورا بذلك، روى ابن أبي الحديد في شرحه ج 1 ص 371 روايات في ذلك منها عن يحيى بن عروة قال: كان أبى إذا ذكر عليا نال منه، وقال لي مرة: يا بنى والله ما أحجم الناس عنه الا طلبا للدنيا لقد بعث إليه أسامة بن زيد أن ابعث إلى بعطائي فوالله انك لو كنت في فم أسد لدخلت معك [فيه ولكن هذا أمر لم أره] فكتب إليه " ان هذا المال لمن جاهد عليه ولكن لي مالا بالمدينة فأصب منه ما شئت، قال يحيى: فكنت أعجب من وصفه إياه بما وصفه به ومن عيبه له وانحرافه عنه
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست