بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٣٧
3 - قال صاحب جامع الأصول: وفي رواية قال الأسود بن يزيد، كنا عند عائشة فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها، قالت: لما مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة، فأذن فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فقيل له إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، فأعادها فأعادوا فأعاد الثالثة فقال: إنكن صواحب يوسف! مروا أبا بكر فليصل بالناس، فخرج أبو بكر يصلى فوجد النبي (صلى الله عليه وآله) من نفسه خفة، فخرج يهادى بين رجلين كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي (صلى الله عليه وآله) أن مكانك، ثم أتيا به حتى جلس إلى جنبه، فقيل للأعمش: فكان النبي (صلى الله عليه وآله) يصلى وأبو بكر يصلي بصلاته، والناس يصلون بصلاة أبى بكر؟ فقال برأسه: نعم.
قال البخاري: وزاد أبو معاوية: جلس عن يسار أبى بكر، وكان أبو بكر قائما (1).
.

(1) جامع الأصول 9 / 437، وأعمش هذا كان محبا لأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معروفا بذلك يرى رأيهم، ولذلك جمع في حديثه بين ما اشتهر عن عائشة " مروا أبا بكر فليصل بالناس " وبين حديث غيره " فخرج يهادى بين رجلين كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع " ليظهر سقوط الرواية الأولى، فان خروجه ص بوجعه يتهادى بين رجلين ثم صلاته جلوسا عن يسار أبى بكر، لا يكون الا صريحا في عزله عن الإمامة.
ولأجل هذا التعريض نفسه كان يصرح بأن أبا بكر كان قائما ياتم بالنبي والناس يأتمون بأبي بكر; فان هذا صريح في أن أبا بكر قد خالف السنة في قيامه بعد جلوس النبي الأعظم وقد قال رسول الله في غير مورد " إنما جعل الامام ليؤتم به... فإذا صلى امامكم قائما فصلوا قياما وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون " روى ذلك في صحاحهم من دون أن يرد نسخ ذلك عن الرسول، راجع جامع الأصول ج 6 ص 400 أخرجه وما هو بمضمونه عن الصحاح الست جميعا، ولا يجدى في ذلك ما ذكره البخاري تمحلا عن ذلك وصونا على رئيس مذهبة بأن " أمره هذا كان في مرضه القديم، وصلاته ص في مرض موته جالسا والناس خلفه قيام لم يأمرهم بالقعود ناسخ له، وإنما نأخذ بالآخر فالاخر من أمر النبي ". وذلك لأنهم كانوا يقتدون بصلاة أبى بكر زاعمين أنه مأمور بالصلاة من قبله ص ووظيفتهم القيام واما أبو بكر فهو الذي أخطأ حيث نوى الايتمام به ص من الركعة الثانية من دون أن يمتثل أمره السابق النافذ عليه فيجلس خلفه حتى يجلس المؤتمون به جميعا.
وإنما لم يؤنبهم رسول الله بأنه لم لم تجلسوا خلفي، لأنهم كانوا معذورين، وإنما لم يؤنب أبا بكر لم قمت خلفي ولم تجلس بجلوسي، لان الخطب قد كان أعظم من ذلك على أن كلام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) " إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا... وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون " يأبى النسخ كمالا يخفى على العارف بالموازين.
وأما ما رواه في الجامع ج 6 ص 402 نقلا عن مسلم (ج 2 / 19) وأبى داود والنسائي بالاسناد عن جابر بن عبد الله قال: " اشتكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلينا وراء، وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره فالتفت إلينا فرآنا قياما فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودا " الحديث فإن كان هذه صلاته ص في مرض الموت على ما يظهر من قوله " وأبو بكر يسمع الناس تكبيره " كان مناقضا لحديث غيره المجمع عليه أنه كان أبو بكر والمؤتمون به جميعا قائمين إلى آخر الصلاة وإن كان في غير مرض الموت، لزمت الحجة على أبى بكر حيث كان بلغه السنة في هذه الشكاة قبل مرض الموت ولم يعمل بها في صلاته آخرا.
على أن الحديث معلول من جهة أخرى، وهو أنه كيف التفت رسول الله في الصلاة و قد نهى نفسه الكريمة عن الالتفات في الصلاة وأعد عليه (راجع جامع الأصول ج 6 / 325 - 327) بل وكيف احتاج إلى الالتفات وقد كان يقول ص " انى لأراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي " ويقول " أتموا الصفوف فانى أراكم من وراء ظهري " في حديث متفق عليه
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 130 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست