بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٣٠
بالخروج فيخرج من فرغ من حاجته إلى معسكره ومن لم يقض حاجته فهو على فراغ ولم يبق أحد من المهاجرين الأولين الا انتدب في تلك الغزوة عمر بن الخطاب وأبو عبيدة و.. و .. " الحديث بطوله فتراه قد أسقط أبا بكر من المنتدبين بعد ما كان مذكورا في حديث عروة على ما عرفت من مسند ابن أبي شيبة، وكأنه سها حيث ذكر في ذيل الحديث أنه لما كان يوم - الاثنين يوم الوفاة " غدا أسامة من معسكره وأصبح رسول الله مفيقا فجاءه أسامة فقال اغد على بركة الله فودعه أسامة ورسول الله مفيق مريح وجعل نساؤه يتماشطن سرورا براحته، و دخل أبو بكر الصديق فقال: يا رسول الله أصبحت مفيقا بحمد الله واليوم يوم ابنة خارجة فائذن لي فأذن له فذهب إلى السنح وركب أسامة إلى معسكرة وصاح في أصحابه باللحوق إلى العسكر فانتهى إلى معسكره ونزل وأمر الناس بالرحيل... " فلو لا أنه كان في المنتدبين من جيش أسامة لما كان لاستيذانه معنى أبدا، وحديث استيذانه هذا قد رواه ابن سعد في الطبقات ج ٢ ق ٢ ص ١٧ وسيجئ لفظه عن قريب انشاء الله وهكذا رواه ابن هشام في السيرة ج ٢ ص ٦٥٤.
وهكذا في الطبقات (ج ٤ ق ١ ص ٤٦) باسناده عن هشام بن عروة عن أبيه قال: أمر رسول الله أسامة بن زيد وأمره أن يغير على أبنى من ساحل البحر... فخرج معه سروات الناس وخيارهم ومعه عمر " الحديث ولم يذكر أبا بكر.
ثم ذكر أن يزيد بن هارون روى في حديثه هذا عن هشام نفسه عن أبيه بنحو هذا الحديث وزاد في الجيش الذي استعمله عليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، قال: وكتبت إليه فاطمة بنت قيس ان رسول الله قد ثقل وانى لا أدرى ما يحدث فان رأيت أن تقيم فأقم، فدوم أسامة بالجرف حتى ماترسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهكذا ذكر ابن عساكر على ما في منتخب كنز العمال ج ٤ ص ١٨٤ وهكذا الطبري في تاريخه ج ٣ ص ٢٢٦ بالاسناد عن الحسن بن أبي الحسن البصري قال: ضرب رسول الله بعثا قبل وفاته على أهل المدينة ومن حولهم وفيهم عمر بن الخطاب، وأسقطوا ذكر أبى بكر وغيره من المنتدبين المسمين بأعيانهم.
وهكذا ذكر ابن هشام في السيرة ج ٢ ص ٦٤٢ والطبري في تاريخه ج ٣ ص ١٨٤ بعث أسامة هذا ولم يسم أحدا من المنتدبين لكنه قال: " وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون " ومعلوم أن أبا بكر وعمر عندهم من المهاجرين الأولين.
وذكر ابن سعد في الطبقات أيضا (ج ٤ ق ١ ص ٤٦ و ج ٢ ق ٢ ص ٤١) عن ابن عمر أن النبي بعث سرية فيهم أبو بكر وعمر واستعمل عليهم أسامة بن زيد، فكانوا الناس طعنوا فيه أي في صغره الحديث.
وفى الطبقات (ج ٢ ق ٢ ص ٤١) عن ابن أسامة، عن أبيه قال: بلغ النبي قول الناس:
استعمل أسامة بن زيد على المهاجرين والأنصار فخرج رسول الله حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس أنفذوا بعث أسامة... قال:
فخرج جيش أسامة حتى عسكروا بالجرف وتتام الناس إليه فخرجوا وثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأقام أسامة والناس ينتظرون ما الله قاض في رسول الله، قال أسامة: فلما ثقل هبطت من معسكري وهبط الناس معي وقد أغمي على رسول الله فلا يتكلم فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يصبها على فأعرف أنه يدعو لي.
قلت: ترى ذيل الحديث من قوله " لما ثقل " في الترمذي ج ٥ ص ٣٤١ تحت الرقم ٣٩٠٦ مسند الإمام ابن حنبل ج ٥ ص ٢٠١ باسنادهما عن ابن أسامة نفسه، ولا يريب ذو لب في سقوط صدر الحديث، كما أن سائر أصحاب الصحاح قد أخرجوا في كتبهم حديث الطعن على أسامة من حديث ابن عمر وكلام النبي الأعظم في ردهم " ان تطعنوا في امرته فقد كنتم تطعنون في امرة أبيه " وأسقطوا سائر الفقرات صونا على مذهبهم، راجع صحيح البخاري كتاب الايمان الباب ٢، فضائل الصحابة ب ١٧، المغازي: ٤٢ و ٨٧ صحيح مسلمفضائل الصحابة ٦٣ و ٦٤ (ج ٧ ص ١٣١) صحيح الترمذي كتاب المناقب الباب 39 (ج 5 ص 341 مسند ابن حنبل ج 2 ص 20.
وعلى أي فقد أجمع أصحاب السير والاخبار على أن أبا بكر وعمر وجميع المهاجرين الأولين ووجوه الأنصار كانوا في جيش أسامة مأمورين بانفاذ الجيش والخروج إلى معسكرهم وفيما ذكرناه بلاغ وكفاية، وسيأتي بسط ذلك في أبواب المطاعن عن ساير المصادر مستوعبا، وإذا كان الامر كذلك فلا يريب منصف في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن ليأمر أبا بكر بالصلاة ولا عمرو لا غيره من هؤلاء المهاجرين والأنصار، بعد ما أمرهم بالخروج عن المدينة ولا كان أبو بكر وعمر وغيرهما من أهل الصحيفة المعهودة أن يجبهوا رسول الله بالمخالفة العلنية فيحضروا عنده أو يشخصوا إليه بأبصارهم ويرفعوا إليه رؤوسهم، اللهم الا متسللين لواذا يتجسسون الاخبار من وراء الحجاب فكيف بما روى أن أبا بكر كان يصلى بهم أيام شكوى رسول الله ثلاثة أيام أو أكثر.
فالظاهر من الحال بضميمة سائر ما روى في الباب أنه قد كان دخل أبو بكر إلى المدينة وقد ثقل رسول الله، فأمر الناس أن يصلى بهم أحدهم، فأخبرت عائشة من كان على الباب خلف الحجاب - وهو بلال على ما ستقف عليه - أنه ص يأمر أبا بكر بالصلاة بهم، فتقدم أبو بكر من دون ريث وصلى بهم ركعة فنذر بذلك رسول الله فخرج على ما به يتهادى بين على والفضل بن عباس ورجلاه تخطان على الأرض من شدة الوجع حتى عزله عن ذلك غضبا عليه من مخالفة أمره حيث لم ينفذ جيش أسامة ودخل المدينة بغير اذنه وسيتلو عليك تمام الكلام في كل فرد فرد من الأحاديث اتى سردها المؤلف العلامة في المتن انشاء الله تعالى