بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٠٩
بكر وأعلمه أن محمدا في حال لا يرجى، فهلم إلينا أنت وعمر وأبو عبيدة ومن رأيتم أن يدخل معكم، وليكن دخولكم في الليل سرا، قال: فأتاهم الخبر فأخذوا بيد صهيب فأدخلوه إلى أسامة فأخبروه الخبر، وقالوا له كيف ينبغي لنا أن نتخلف عن مشاهدة رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستأذنوه في الدخول، فأذن لهم وأمرهم أن لا يعلم بدخولهم أحد، وإن عوفي رسول الله رجعتم إلى عسكركم، وإن حدث حادث الموت عرفونا ذلك لنكون في جماعة الناس.
فدخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ليلا المدينة، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قد ثقل فأفاق بعض الإفاقة فقال: لقد طرق ليلتنا هذه المدينة شر عظيم، فقيل له: وما هو يا رسول الله؟ فقال: إن الذين كانوا في جيش أسامة قد رجع منهم نفر يخالفون عن أمري، ألا إني إلى الله منهم برئ، ويحكم نفذوا جيش أسامة، فلم يزل يقول ذلك حتى قالها مرات كثيرة، قال: وكان بلال مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤذن بالصلاة في كل وقت [صلاة] فان قدر على الخروج تحامل وخرج وصلى بالناس، وإن هو لم يقدر على الخروج أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) فصلى بالناس، وكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) والفضل بن العباس لا يزايلانه في مرضه ذلك.
فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ليلته تلك التي قدم فيها القوم الذين كانوا تحت يدي أسامة، أذن بلال ثم أتاه يخبره كعادته، فوجده قد ثقل، فمنع من الدخول إليه، فأمرت عائشة صهيبا أن يمضى إلى أبيها فيعلمه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد ثقل في مرضه وليس يطيق النهوض إلى المسجد، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) قد شغل به وبمشاهدته عن الصلاة بالناس، فاخرج أنت إلى المسجد فصل بالناس فإنها حالة تهنئك وحجة لك بعد اليوم، قال: فلم يشعر الناس وهم في المسجد ينتظرون رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو عليا (عليه السلام) يصلى بهم كعادته التي عرفوها في مرضه، إذ دخل أبو بكر المسجد وقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد ثقل، وقد أمرني أن أصلى بالناس، فقال له رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنى لك ذلك وأنت في جيش أسامة، ولا والله لا أعلم أحدا بعث إليك ولا أمرك بالصلاة.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست