بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٠٥
في الكعبة مدفونة إلى أو ان عمر بن الخطاب، فاستخرجها من موضعها، وهي الصحيفة التي تمنى أمير المؤمنين (عليه السلام) لما توفي عمر فوقف به وهو مسجى بثوبه، قال: ما أحب إلى أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجى (1).
ثم انصرفوا وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالناس صلاة الفجر، ثم جلس في مجلسه يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس، فالتفت إلى أبي عبيدة بن الجراح فقال له:
بخ بخ من مثلك وقد أصبحت أمين هذه الأمة؟ ثم تلا " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون " (2) لقد أشبه هؤلاء رجال في هذه الأمة " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " (3).

(١) هذا الحديث رواه أحمد في المسند ج ١ ص ١٠٩ ولفظه " رحمة الله عليك أبا حفص! فوالله ما بقي بعد رسول الله أحد أحب إلى أن ألقى الله تعالى بصحيفته منك " ومعلوم أن لفظ الرواية حرفت عن وجهه، فان أحدا من المسلمين لا يجسر أن يتمنى على الله أن يلقاه بصحيفة النبي الأعظم ولا بمثل صحيفته ص، وإذا كان في المسلمين أحد يناسبه باخلاصه و طهارته وعدم سجوده لصنم قط وجهاده وفضله وعلمه ومؤازرته للنبي ص ومؤاخاته ووصايته و...
وبالآخرة كونه كنفس النبي ص - أن يتمنى ذلك، فلا يكون يتمنى بعد ذلك أن يلقى الله بصحيفة اعمال عمر وهو هو، وقد كان مشركا في شطر من عمره، وهو الذي كان يقول لأبي موسى الأشعري " لوددت أن ذلك برد لنا وأن كل شئ عملناه بعد رسول الله نجونا منه كفافا رأسا برأس " كما عرفت نصه ص ٣٣ فيما سبق) إلى غير ذلك من المثالب التي رويت له.
فاما أن يكون لفظ الحديث محرفا كما قلنا، أو يكون (عليه السلام) قد تعرض بذلك ليعرفه أهل المعرفة.
(٢) البقرة: ٧٩.
(٣) النساء: ١٨٠، وفى هذه الآية روى الكليني في الكافي ج ٨ ص ٣٣٤ عن سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول في قول الله تعالى: " إذ يبيتون مالا يرضى من القول " يعنى فلانا وفلانا وأبا عبيدة بن الجراح.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست