بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٠٨
ونحن نسألك أن تأذن لنا في المقام لنصلح من شأننا ما يصلحنا في سفرنا، قال:
فأمرهم أن يكونوا في المدينة ريث ما يحتاجون إليه، وأمر أسامة بن زيد فعسكر بهم على أميال من المدينة فأقام بمكانه الذي حد له رسول الله (صلى الله عليه وآله) منتظرا للقوم أن يوافوه إذا فرغوا من أمورهم وقضاء حوائجهم، وإنما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما صنع من ذلك أن تخلو المدينة منهم، ولا يبقى بها أحد من المنافقين.
قال: فهم على ذلك من شأنهم ورسول الله (صلى الله عليه وآله) رائب يحثهم ويأمرهم بالخروج والتعجيل إلى الوجه الذي ندبهم إليه، إذ مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مرضه الذي توفي فيه، فلما رأوا ذلك تباطؤا عما أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الخروج، فأمر قيس بن عبادة وكان سباق (1) رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحباب بن المنذر في جماعة من الأنصار يرحلوا بهم إلى عسكرهم، فأخرجهم قيس بن سعد والحباب بن المنذر حتى ألحقاهم بعسكرهم، وقالا لأسامة إن رسول الله لم يرخص لك في التخلف، فسر من وقتك هذا ليعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك، فارتحل بهم أسامة وانصرف قيس والحباب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأعلماه برحلة القوم، فقال لهما: إن القوم غير سائرين.
قال: فخلا أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بأسامة وجماعة من أصحابه فقالوا إلى أين ننطلق ونخلي المدينة ونحن أحوج ما كنا إليها وإلى المقام بها؟ فقال لهم: وما ذلك؟ قالوا إن رسول الله قد نزل به الموت، ووالله لئن خلينا المدينة لتحدثن بها أمور لا يمكن إصلاحها، ننظر ما يكون من أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم المسير بين أيدينا، قال: فرجع القوم إلى المعسكر الأول وأقاموا به وبعثوا رسولا يتعرف لهم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتى الرسول إلى عائشة فسألها عن ذلك سرا، فقالت امض إلى أبي وعمر ومن معهما وقل لهما: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد ثقل فلا يبرحن أحد منكم وأنا أعلمكم بالخبر وقتا بعد وقت.
واشتدت علة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعت عائشة صهيبا فقالت: امض إلى أبي .

(1) سياف خ ل
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست