وفارس كانوا في وقت جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام رؤساء الشيعة في الحديث ورواة (1) الحديث والكلام، وقد صنفوا الكتب وجمعوا المسائل والروايات وأضافوا أكثر ما اعتمدوه من الرواية إليه وإلى أبيه محمد عليه السلام وكان لكل إنسان منهم أتباع وتلامذة في المعنى الذي ينفرد به، وأنهم كانوا يرحلون من العراق إلى الحجاز في كل عام أو أكثر أو أقل ثم يرجعون ويحكون عنه الأقوال ويسندون إليه الدلالات، وكانت حالهم في وقت الكاظم والرضا عليهما السلام على هذه الصفة، وكذلك إلى وفاة أبي محمد العسكري عليه السلام.
وحصل العلم باختصاص هؤلاء بأئمتنا عليهم السلام كما نعلم اختصاص أبي يوسف ومحمد ابن الحسن (2) بأبي حنيفة، وكما نعلم اختصاص المزني والربيع بالشافعي واختصاص النظام بأبي الهذيل، والجاحظ والأسواري بالنظام.
ولا فرق بين من دفع الامامية عمن ذكرناه ومن دفع من سميناه عمن وصفناه في الجهل بالاخبار وفي العناد والانكار، وإذا كان الامر على ما ذكرناه لم تخل الامامية في شهادتها بامامة هؤلاء عليهم السلام من أحد أمرين: إما أن تكون محقة في ذلك صادقة، أو مبطلة في شهادتها كاذبة:
فان كانت محقة صادقة في نقل النص عنهم على خلفائهم عليهم السلام مصيبة فيما اعتقدته (3) من العصمة والكمال، فقد ثبت إمامتهم على ما قلناه، وإن كانت كاذبة في شهادتها مبطلة في عقيدتها فلن يكون كذلك إلا ومن سميناهم من أئمة الهدى عليهم السلام ضالون برضاهم بذلك، فاسقون بترك النكير عليهم، مستحقون للبراءة من حيث تولوا الكذابين مضلون للأمة لتقريبهم إياهم واختصاصهم بهم من بين الفرق كلها، ظالمون في أخذ الزكاة والأخماس عنهم، وهذا ما لا يطلقه مسلم فيمن نقول بإمامته.