بهم ومظهرين أن كل شئ يعتقدونه وينتحلونه ويصححونه أو يبطلونه فعنهم تلقوه ومنهم أخذوه، فلو لم يكونوا عنهم بذلك (1) راضين وعليه مقرين لأبوا عليهم نسبة تلك المذاهب إليهم وهم منها بريئون خليون، ولنفوا ما بينهم من مواصلة ومجالسة وملازمة وموالاة ومصافاة ومدح وإطراء وثناء، ولا بدلوه بالذم واللوم والبراءة والعداوة فلو لم يكونوا عليهم السلام لهذه المذاهب معتقدين وبها راضين (2) لبان لنا واتضح ولو لم يكن إلا هذه الدلالة لكفت وأغنت.
وكيف يطيب قلب عاقل أو يسوغ في الدين لاحد أن يعظم في الدين من هو على خلاف ما يعتقد أنه الحق. وما سواه باطل، ثم ينتهي في التعظيمات والكرامات إلى أبعد الغايات وأقصى النهايات وهل جرت بمثل هذا (3) عادة أو مضت عليه سنة؟
أو لا يرون أن الامامية لا تلتفت إلى من خالفها من العترة وحاد عن جادتها في الديانة ومحجتها في الولاية ولا تسمح له بشئ من المدح والتعظيم فضلا عن غايته وأقصى نهايته، بل تتبرأ منه وتعاديه وتجريه في جميع الأحكام مجرى من لا نسب له ولا حسب له ولا قرابة ولا علقة.
وهذا يوقظ على أن الله خرق في هذه العصابة العادات وقلب الجبلات ليبين من عظيم منزلتهم وشريف مرتبتهم، وهذه فضيلة تزيد على الفضائل وتربي (4) على جميع الخصائص والمناقب، وكفى بها برهانا لائحا وميزانا راجحا، والحمد لله رب العالمين (5).