البحث عن أخبارهم لخمولهم وانقطاع آثارهم، بل كانوا على أعلى مرتبة من تعظيم الخلق إياهم، وفي الدرجة الرفيعة التي يحسدهم عليها الملوك ويتمنونها لأنفسهم لان شيعتهم مع كثرتها في الخلق وغلبتها على أكثر البلاد اعتقدت فيهم الإمامة التي تشارك النبوة وادعت عليهم (1) الآيات والمعجزات والعصمة عن الزلات.
حتى أن الغلات اعتقدت فيهم النبوة والإلهية، وكان أحد أسباب اعتقادهم ذلك فيهم حسن آثارهم وعلو أحوالهم وكمالهم في صفاتهم، وقد جرت العادة فيمن حصل له جزء من هذه النباهة أن لا يسلم من ألسنة أعدائه ونسبتهم إياه إلى بعض العيوب القادحة في الديانة والأخلاق.
فإذا ثبت أن أئمتنا عليهم السلام نزههم الله عن ذلك ثبت أنه سبحانه هو المتولي لجميع الخلائق على ذلك بلطفه وجميل صنعه، ليدل على أنهم حججه على عباده و السفراء بينه وبين خلقه والأركان لدينه والحفظة لشرعه وهذا واضح لمن تأمله.
دلالة أخرى: ومما يدل أيضا على إمامتهم عليهم السلام ما حصل من الاتفاق على برهم وعدالتهم وعلو قدرهم وطهارتهم، وقد ثبت بلا شك معرفتهم لكثير ممن يعتقد إمامتهم في أيامهم ويدين الله تعالى بعصمتهم والنص عليهم ويشهد بالمعجز لهم، ووضح أيضا اختصاص هؤلاء بهم وملازمتهم إياهم ونقلهم الاحكام والعلوم عنهم، وحملهم الزكوات والأخماس إليهم، من أنكر هذا أو دفع كان مكابرا دافعا للعيان، بعيدا عن معرفة أخبارهم.
فقد علم كل محصل نظر في الاخبار أن هشام بن الحكم وأبا بصير وزرارة بن أعين وحمران وبكيرا ابني أعين ومحمد بن نعمان (2) الذي يلقبه العامة شيطان الطاق و بريد بن معاوية العجلي وأبان بن تغلب ومحمد بن مسلم الثقفي ومعاوية بن عمار الدهني وغير هؤلاء ممن بلغوا الجمع الكثير والجم الغفير من أهل العراق والحجاز وخراسان