في كل النفوس تعظيم شأنهم وإجلال قدرهم على تباين مذاهبهم واختلاف دياناتهم ونحلهم، وما اجتمع (1) هؤلاء المختلفون المتباينون مع تشتت الأهواء وتشعب الآراء على شئ كاجماعهم على تعظيم من ذكرناه وإكبارهم إنهم (2) يزورون قبورهم ويقصدون من شاحط البلاد وشاطئها (3) مشاهدهم ومدافنهم والمواضع التي وسمت (4) بصلاتهم فيها وحلولهم بها وينفقون في ذلك الأموال ويستنفدون الأحوال، فقد أخبرني من لا أحصيه كثرة أن أهل نيسابور ومن والاها من تلك البلدان يخرجون في كل سنة إلى طوس لزيارة الامام أبي الحسن علي بن موسى الرضا صلوات الله عليهما بالجمال الكثيرة والأهبة (5) التي لا توجد مثلها إلا للحج إلى بيت الله (6).
وهذا مع المعروف من انحراف أهل خراسان عن هذه الجهة وازورارهم (7) عن هذا الشعب، وما تسخير هذه القلوب القاسية، وعطف هذه الأمم البائنة (8) إلا كالخارق للعادات والخارج عن الأمور المألوفات، وإلا فما الحامل للمخالفين لهذه النحلة المنحازين عن هذه الجملة (9) على أن يراوحوا هذه المشاهد ويغادوها ويستنزلوا عندها من الله تعالى الأرزاق ويستفتحوا الأغلال (10) ويطلبوا ببركاتها (11) الحاجات