بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٢٩
ليستشنى الناس فيما لا يعلمون، وقيل: إن الاستثناء من الدخول، وكان بين نزول الآية و الدخول سنة. وقد مات منهم ناس في السنة، فيكون تقديره ليدخلن كلكم إن شاء الله، إذ علم أن منهم من يموت قبل السنة أو يمرض فلا يدخلها فأدخل الاستثناء لئلا يقع في الخبر خلف، وقيل: إن الاستثناء داخل على الخوف والامن، فأما الدخول فلا شك فيه، وتقديره لتدخلن (1) آمنين من العدو إن شاء الله، وقيل: إن " إن " هيهنا بمعنى " إذ " أي إذ شاء الله حين أرى رسوله، ذلك عن أبي عبيدة " محلقين رؤسكم ومقصرين " أي محرمين يحلق بعضكم رأسه، ويقصر بعض، وهو أن يأخذ بعض الشعر " لا تخافون " مشركا " فعلم " من الصلاح في صلح الحديبية " ما لم تعلموا " وقيل: علم في تأخير دخول المسجد الحرام من الخير والصلاح ما لم تعلموا أنتم (2)، وهو خروج المؤمنين من بينهم، وغير ذلك " فجعل من دون ذلك " أي قبل الدخول " فتحا قريبا " يعني فتح خيبر، أو صلح الحديبية (3).
ثم قال رحمه الله: قصة فتح الحديبية: قال ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج يريد مكة، فلما بلغ الحديبية وقفت ناقته وزجرها فلم تنزجر، وبركت الناقة، فقال أصحابه: خلات الناقة، (4) فقال صلى الله عليه وآله: " ما هذا لها عادة، ولكن حبسها حابس الفيل " ودعا عمر بن الخطاب ليرسله إلى أهل مكة ليأذنوا له بأن يدخل مكة ويحل من عمرته وينحر هديه، فقال: يا رسول الله ما لي بها حميم، وإني أخاف قريشا لشدة (5) عداوتي إياها، ولكن أدلك على رجل هو أعز بها مني: عثمان بن عفان، فقال: صدقت، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله عثمان فأرسله إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وإنما جاء زائرا لهذا البيت، معظما لحرمته، (6) فاحتبسته

(1) في المصدر: لتدخلن المسجد الحرام آمنين.
(2) في المصدر: ما لم تعلموه أنتم.
(3) مجمع البيان 9: 126.
(4) أي بركت ولم تبرح من مكانها.
(5) شدة خ ل.
(6) في سيرة ابن هشام 3: 363: فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل ان يدخلها فحمله بين يديه ثم اجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله اه‍.
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست