بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٢٧
فأخذهم رسول الله صلى الله عليه وآله وأعتقهم، عن أنس وقيل: كان رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا في ظل شجرة وبين يديه علي عليه السلام يكتب كتاب الصلح فخرج ثلاثون شابا عليهم السلاح، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وآله فأخذ الله تعالى بأبصارهم فقمنا فأخذناهم فخلى صلى الله عليه وآله سبيلهم، فنزلت هذه الآية عن عبد الله بن المغفل " وأيديكم عنهم " بالنهي " من بعد أن أظفركم عليهم " ذكر الله تعالى منته على المؤمنين بحجزه بين الفريقين حتى لم يقتتلا، وحتى اتفق بينهم الصلح الذي كان أعظم من الفتح " وصدوكم عن المسجد الحرام " أن تطوفوا وتحلوا من عمرتكم، يعني قريشا " والهدي معكوفا أن يبلغ محله " أي و صدوا الهدي وهي البدن التي ساقها رسول الله صلى الله عليه وآله معه، وكانت سبعين بدنة حتى بلغ ذا الحليفة، فقلد البدن التي ساقها وأشعرها وأحرم بالعمرة حتى نزل بالحديبية ومنعه المشركون، وكان الصلح، فلما تم الصلح نحروا البدن، وذلك قوله:
" معكوفا " أي محبوسا من " أن يبلغ محله " (1) أي منحره يعني مكة " ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات " يعني المستضعفين الذين كانوا بمكة بين الكفار من أهل الايمان " لم تعلموهم " بأعيانهم لاختلاطهم بغيرهم " أن تطؤهم " بالقتل وتوقعوا بهم " فتصيبكم منهم معرة " أي إثم وجناية، أو عيب يعيبكم المشركون بأنهم قتلوا أهل دينهم، وقيل: هي غرم الدية والكفارة في قتل الخطاء عن ابن عباس، وذلك أنهم لو كبسوا (2) مكة وفيها قوم مؤمنون لم يتميزوا من الكفار ولم يأمنوا أن يقتلوا المؤمنين فتلزمهم الكفارة، وتلحقهم السيئة بقتل من على دينهم، فهذه المعرة التي صان الله المؤمنين عنها، وجواب " لولا " محذوف وتقديره: لولا المؤمنون الذين لم تعلموهم لوطأتم رقاب المشركين بنصرنا إياكم، وقوله: " بغير علم " موضعه التقديم، لان التقدير لولا أن تطؤهم بغير علم وقوله: " ليدخل الله في رحمته من يشاء " اللام متعلق بمحذوف دل عليه معنى الكلام، تقديره فحال بينكم وبينهم ليدخل الله في رحمته من يشاء، يعني من أسلم من الكفار بعد الصلح، وقيل: ليدخل الله في رحمته أولئك

(1) في المصدر: فذلك قوله " معكوفا " أي محبوسا عن " ان يبلغ محله ".
(2) الغرم: ما يلزم أداؤه من المال. كبسوا مكة أي هجموا عليها بغتة.
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست