بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٢٨
بسلامتهم من القتل، ويدخل هؤلاء في رحمته بسلامتهم من الطعن والعيب " لو تزيلوا " أي لو تميز المؤمنون من الكافرين " لعذبنا الذين كفروا منهم " أي من أهل مكة " عذابا أليما " بالسيف والقتل بأيديكم، ولكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار " إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية " إذ يتعلق بقوله: " لعذبنا " أي لعذبنا الذين كفروا وآذنا لك في قتالهم حين جعلوا قلوبهم الانفة التي تحمى الانسان، أي حميت قلوبهم بالغضب، ثم فسر تلك الحمية فقال: " حمية الجاهلية " أي عادة آبائهم في الجاهلية أن لا يذعنوا لاحد ولا ينقادوا له، وذلك أن كفار مكة قالوا:
قد قتل محمد وأصحابه آباءنا وإخواننا ويدخلون علينا في منازلنا فتتحدث العرب أنهم دخلوا علينا على رغم أنفنا، واللات والعزى لا يدخلونها علينا، فهذه حمية الجاهلية التي دخلت قلوبهم، وقيل: هي أنفتهم من الاقرار لمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة، والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم، حيث أراد أن يكتب كتاب العهد بينهم عن الزهري " فأنزل الله سكينته " إلى قوله: " كلمة التقوى " وهي قول: لا إله إلا الله " وكانوا أحق بها وأهلها " قيل: إن فيه تقديما وتأخيرا، والتقدير كانوا أهلها وأحق بها، أي كان المؤمنون أهل تلك الكلمة وأحق بها من المشركين، وقيل: كانوا أحق بنزول السكينة عليهم وأهلا لها، وقيل: كانوا أحق بمكة أن يدخلوها وأهلها " وكان الله بكل شئ عليما " لما ذم الكفار بالحمية، ومدح المؤمنين بلزوم الكلمة والسكينة بين علمه ببواطن سرائرهم وما ينطوي عليه عقد ضمائرهم " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " قالوا: إن الله تعالى أرى نبيه في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أن المسلمين دخلوا المسجد الحرام، فأخبر بذلك أصحابه، ففرحوا وحسبوا أنهم دخلوا مكة عامهم ذلك، فلما انصرفوا ولم يدخلوا مكة قال المنافقون: ما حلقنا ولا قصرنا ولا دخلنا المسجد الحرام، فأنزل الله هذه الآية، وأخبر أنه أرى رسوله الصدق في منامه لا الباطل، وإنهم يدخلونه، وأقسم على ذلك فقال: " لتدخلن المسجد الحرام " يعني العام المقبل " إن شاء الله " قال أبو العباس: (1) استثنى الله فيما يعلم

(1) في المصدر: قال أبو العباس ثعلب.
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست