حضراه، فقال أحدهما الآخر: هلم نطنز بهذا المغرور (1) بمحمد، فقال له أبو الشرور:
يا عبد الله قد اتجر الناس اليوم وربحوا، فماذا كانت تجارتك؟ قال الرجل: كنت من النظارة ولم يكن لي ما أشتري ولا ما أبيع ولكني كنت أصلي على محمد وعلي وآلهما الطيبين، فقال له أبو الشرور: قد ربحت الخيبة، واكتسبت الحرمان، وسبقك (2) إلى منزلك مائدة الجوع عليها طعام من المنى وإدام وألوان من أطعمة الخيبة (3) التي تتخذها لك الملائكة الذين ينزلون على أصحاب محمد بالخيبة والجوع والعطش والعرى والذلة، فقال الرجل: كلا والله إن محمدا رسول الله، وإن من آمن به فمن المحقين السعيدين، سيوفر (4) الله من آمن به بما يشاء من سعة يكون بها متفضلا، ومن ضيق (5) يكون به عادلا ومحسنا للنظر له، وأفضلهم عنده أحسنهم تسليما لحكمه، فلم يلبث الرجل أن مر بهم رجل بيده سمكة قد أراحت (6) فقال أبو الشرور وهو يطنز: بع هذه السمكة من صاحبنا هذا، يعني صاحب رسول الله، فقال الرجل: اشترها مني فقد بارت (7) علي، فقال: لا شئ معي، فقال أبو الشرور: اشترها (8) ليؤدي ثمنها رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يطنز، ألست تثق برسول الله؟
أفلا تنبسط إليه في هذا القدر؟ فقال: نعم بعنيها، قال الرجل: قد بعتكها بدانقين فاشتراها بدانقين على أن يجعله على رسول الله صلى الله عليه وآله (9)، فبعث به إلى رسول الله، فأمر رسول الله أسامة أن يعطيه درهما، فجاء الرجل فرحا مسرورا بالدرهم، وقال: إنه أضعاف قيمة سمكتي، فشقها الرجل بين أيديهم (10)، فوجد فيها جوهرتين نفيستين قومتا مأتي ألف درهم، فعظم ذلك