كلام جزل أو معنى بكر، وقالوا لنبيهم حين مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم:
اجعل لنا إلبا، والعرب أصح الناس أفهاما، وأحدهم أذهانا، فخصوا بالقرآن بما يدركونه بالفطنة دون البديهة لتخص كل أمة بما يشاكل طبعها.
والثالث: أن معجز القرآن أبقى على الاعصار، وأنشر في الأقطار، وما دام إعجازه فهو أحج، وبالاختصاص أحق، فانتشر ذلك بعده في أقطار العالم شرقا وغربا، قرنا بعد قرن، وعصرا بعد عصر، وقد انقرض القوم وهذه سنة سبعين وخمسمأة من مبعثه، فلم يقدر أحد على معارضته (1).
14 - تفسير الإمام العسكري: قال محمد بن علي الباقر عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قدم المدينة وظهرت آثار صدقه وآيات حقه وبينات نبوته كادته اليهود أشد كيد، وقصدوه أقبح قصد، يقصدون أنواره ليطمسوها، وحججه ليبطلوها، وكان ممن قصده للرد عليه وتكذيبه مالك ابن الصيف، وكعب بن الأشرف، وحي بن أخطب، وجدي بن أخطب، وأبو ياسر بن أخطب، وأبو لبابة بن عبد المنذر وشعبة، فقال مالك لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا محمد تزعم أنك رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كذلك قال الله خالق الخلق أجمعين، قال: يا محمد لن نؤمن أنك رسول الله (2) حتى يؤمن لك هذا البساط الذي تحتنا (3)، ولن نشهد أنك عن الله (4) جئتنا حتى يشهد لك هذا البساط، وقال أبو لبابة بن عبد المنذر: لن نؤمن لك يا محمد أنك رسوله، ولا نشهد لك به حتى يؤمن (5) ويشهد لك هذا السوط الذي في يدي، وقال كعب بن الأشرف. لن نؤمن لك أنك رسول الله، ولن نصدقك (6) حتى يؤمن لك هذا الحمار، وأشار لحماره الذي كان راكبه (7)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه ليس للعباد