بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٢٦٨
بدفن أصحابه، فجاءت المرأة إلى أبي سفيان تسأله أن يبعث رجلا مع عبد لها إلى مكان ذلك المقتول ليجتز رأسه فيؤتى به لتفي بنذرها فتشرب في قحفه خمرا، وقد كانت البشارة أتتها بقتله، أتاها بها عبد لها فأعتقته وأعطته جارية لها، ثم سألت أبا سفيان فبعث إلى ذلك المقتول مأتين من أصحاب (1) الجلد في جوف الليل ليجتزوا رأسه فيأتوها به، فذهبوا فجاءت ريح فد حرجت الرجل إلى حدور (2) فتبعوه ليقطعوا رأسه فجاء من المطر وابل عظيم فغرق المأتين، ولم يوقف لذلك المقتول ولا لواحد من المأتين على عين ولا أثر، ومنع الله الكافرة مما أرادت، فهذا أعظم من الطوفان آية له صلى الله عليه وآله.
وأما الجراد المرسل على بني إسرائيل فقد فعل الله أعظم وأعجب منه بأعداء محمد صلى الله عليه وآله، فإنه أرسل عليهم جرادا أكلهم، ولم يأكل جراد موسى عليه السلام رجال القبط، ولكنه أكل زروعهم، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في بعض أسفاره إلى الشام، وقد تبعه مأتان من يهودها في خروجه عنها وإقباله نحو مكة، يريدون قتله، مخافة أن يزيل الله دولة اليهود على يده، فراموا قتله، وكان في القافلة فلم يجسروا عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد حاجة أبعد واستتر بأشجار تكنفه (3)، أو برية بعيدة، فخرج ذات يوم لحاجته فأبعد وتبعوه وأحاطوا به وسلوا سيوفهم عليه، فأثار الله جل وعلا من تحت رجل محمد من ذلك الرمل جرادا (4) فاحتوشتهم وجعلت تأكلهم، فاشتغلوا بأنفسهم عنه، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من حاجته وهم يأكلهم الجراد ورجع إلى أهل القافلة فقالوا له: ما بال الجماعة خرجوا خلفك لم يرجع منهم أحد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: جاءوا يقتلونني فسلط الله عليهم الجراد، فجاءوا ونظروا إليهم فبعضهم قد مات، وبعضهم قد كاد يموت، والجراد يأكلهم، فما زالوا ينظرون إليهم حتى أتى الجراد على أعيانهم فلم تبق منهم شيئا.
وأما القمل فأظهر الله قدرته على أعداء محمد صلى الله عليه وآله بالقمل، وقصة ذلك أن رسول الله

(1) أصحابه خ ل. أقول أي من أصحابه الشديد القوى.
(2) الحدور: المكان الذي ينحدر منه.
(3) بأشجار ملتفة أو بخربة بعيدة خ ل.
(4) كثيرا خ ل.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390