قال له اليهودي فإن هذا إبراهيم (1) جذ أصنام قومه غضبا لله عز وجل قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله قد نكس عن الكعبة ثلاثمأة وستين صنما، ونفاها من جزيرة العرب، وأذل من عبدها بالسيف.
قال له اليهودي: فإن هذا إبراهيم قد أضجع ولده وتله للجبين (2).
فقال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ولقد أعطي إبراهيم بعد الاضجاع الفداء، ومحمد صلى الله عليه وآله أصيب بأفجع منه فجيعة، إنه وقف صلى الله عليه وآله على عمه حمزة أسد الله وأسد رسوله و ناصر دينه، وقد فرق بين روحه وجسده فلم يبين عليه حرقة، ولم يفض عليه عبرة، ولم ينظر إلى موضعه من قلبه وقلوب أهل بيته ليرضي الله عز وجل بصبره، ويستسلم لامره في جميع الفعال، وقال صلى الله عليه وآله: " لولا أن تحزن صفية لتركته حتى يحشر من بطون السباع وحواصل الطير، ولولا أن يكون سنة بعدي لفعلت ذلك ".
قال له اليهودي: فإن إبراهيم عليه السلام قد أسلمه قومه إلى الحريق فصبر، فجعل الله عز وجل النار عليه بردا وسلاما، فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك.
قال له عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله لما نزل بخيبر سمته الخيبرية فصير الله السم في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله، فالسم يحرق إذا استقر في الجوف، كما أن النار تحرق، فهذا من قدرته لا تنكره.
قال له اليهودي: فإن هذا يعقوب عليه السلام أعظم في الخبر نصيبه، إذ جعل الأسباط من سلالة صلبه، ومريم ابنة عمران من بناته.
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله أعظم في الخير نصيبا منه، إذ جعل فاطمة سيدة نساء العالمين من بناته، والحسن والحسين من حفدته.
قال له اليهودي: فإن يعقوب قد صبر على فراق ولده حتى كاد يحرض (3) من الحزن.