ابن معمر، عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: " هذا نذير من النذر الأولى " قال: يعني به محمدا، حيث دعاهم إلى الاقرار بالله في الذر الأول، و بالآية الثانية لأن مفادها على المشهور بين المفسرين إنما أنت منذر وهاد لكل قوم، فيكون هاديا للأنبياء وأممهم، ويحتمل أن يكون غرضه عليه السلام حصر الانذار فيه صلى الله عليه وآله، أي لم يكن من أنذر قبله منذرا حقيقة، وإنما المنذر والمطاع على الاطلاق هو صلى الله عليه وآله، كما يدل عليه آخر الخبر، فالاستشهاد بالآية الأولى إما بحملها على الأخير من المعنيين، فإنه لما كان منذرا للنذر فهو المنذر للجميع حقيقة، وإنما كانوا نوابه في الانذار، كما أن من بعده من الأوصياء كذلك، أو بحملها على أن المراد به الحصر، أي هذا منذر حسب من جملة من يسمون بالنذر من الأنبياء السابقة، وبالثانية بحملها على أن قوله: " ولكل قوم هاد " من قبيل عطف الجملة على الجملة، ويكون المراد بالجزء الأولى حصر الانذار فيه صلى الله عليه وآله على سبيل القلب، أي ليس المنذر إلا أنت، وأما غيرك فهم هادون من قبلك، أو على الوجه الذي قررناه في الوجه الأول، ولعله أقل تكلفا، هذا ما خطر بالبال في حل هذا الخبر الذي حير الافهام (1)، والله يعلم أسرار أئمة الأنام.
وقال الصدوق رحمه الله في الهداية (2) يجب أن يعتقد أن النبوة حق، كما اعتقدنا أن التوحيد حق، وأن الأنبياء الذين بعثهم الله مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي، جاؤوا بالحق من عند الحق، وأن قولهم قول الله، وأمرهم أمر الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله، وأنهم (3) لم ينطقوا إلا عن الله عز وجل وعن وحيه، وأن سادة الأنبياء خمسة، الذين عليهم دارت الرحى، وهم أصحاب الشرائع، وهم أولو العزم:
نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليه وعليهم، وأن محمدا سيدهم وأفضلهم، وأنه جاء بالحق وصدق المرسلين (4)، وأن الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور