لان النطق عبارة عن الكلام ولا كلام للطير إلا أنه لما فهم سليمان معنى صوت الطير سماه منطقا مجازا، وقيل: إنه أراد حقيقة المنطق لان من الطير ماله كلام يهجي (1) كالطوطي. وقال علي بن عيسى: إن الطير كانت تكلم سليمان معجزة له كما أخبر عن الهدهد، ومنطق الطير صوت يتفاهم به معانيها على صيغة واحدة بخلاف منطق الناس الذي يتفاهمون به المعاني على صيغ مختلفة، ولذلك لم نفهم عنها مع طول مصاحبتها، ولم تفهم هي عن الان أفهامها مقصورة على تلك الأمور المخصوصة، ولما جعل سليمان يفهم عنها كان قد علم منطقها " وأوتينا من كل شئ " أي من كل شئ يؤتى الأنبياء والملوك وقيل: من كل شئ يطلبه طالب لحاجته إليه وانتفاعه به (2) " حيث أصاب " أي أراد من النواحي " والشياطين " أي وسخرنا له الشياطين " وآخرين مقرنين في الأصفاد " أي وسخرنا له آخرين من الشياطين مشددين في الأغلال والسلاسل من الحديد، وكان يجمع بين اثنين وثلاثة منهم في سلسلة لا يمتنعون عليه إذا أراد ذلك بهم عند تمردهم، وقيل:
إنه إنما كان يفعل ذلك بكفارهم فإذا آمنوا أطلقهم " هذا " أي ما تقدم من الملك " عطاؤنا فامنن أو أمسك " أي فأعط من الناس من شئت وامنع من شئت " بغير حساب " أي لا تحاسب يوم القيامة على ما تعطي وتمنع. (3) 1 - تفسير علي بن إبراهيم: " ولسليمان الريح عاصفة " قال: تجري من كل جانب " إلى الأرض التي باركنا فيها " قال: إلى بيت المقدس والشام. (4) 2 - إكمال الدين: القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن أبيه، عن الصادق عليه السلام قال: إن داود عليه السلام أراد أن يستخلف سليمان عليه السلام لان الله عز وجل أوحى إليه يأمره بذلك، فلما أخبر بني إسرائيل ضجوا من ذلك، وقالوا: يستخلف علينا