والله لقد قلنا قولا ذا شطط، أي ذا بعد عن الحق، مفرط في الظلم " عليهم " أي على عبادتهم (1) " بسلطان بين " أي ببرهان ساطع ظاهر " وإذ اعتزلتموهم " هذا خطاب بعضهم لبعض، وقال ابن عباس: هذا قول تمليخا " من أمركم مرفقا " أي ما ترفقون وتنتفعون به " تزاور عن كهفهم " تميل عنه ولا يقع شعاعها عليهم فيؤذيهم، لان الكهف كان جنوبيا؟، أو لان الله زورها عنهم، والزور: الميل " ذات اليمين " أي جهة اليمين " تقرضهم " أي تعدل عنهم وتتركهم " وهم في فجوة منه " أي في متسع من الكهف يعني في وسطه بحيث ينالهم روح الهواء ولا يؤذيهم كرب الغار ولا حر الشمس، وذلك أن باب الكهف كان في مقابلة بنات نعش، وأقرب المشارق والمغارب إلى محاذاته مشرق رأس السرطان ومغربه، وأن الشمس إذا كان مدارها مداره تطلع مائلة عنه مقابلة لجانبه الأيمن، وهو الذي يلي المغرب، و تغرب محاذية لجانبه الأيسر، فيقع شعاعها على جنبيه، ويحلل عفونته، ويعدل هواه، ولا يقع عليهم فيؤذي أجسادهم ويبلي ثيابهم، وقيل: بل الله صرف عنهم الشمس بقدرته " وليا مرشدا " من يليه ويرشده " وتحسبهم أيقاظا " لانفتاح عيونهم، أو لكثرة تقلبهم " وهم رقود " أي نيام، ونقلبهم كيلا تأكل الأرض ما يليها من أبدانهم " وكلبهم " أي كلب الراعي الذي تبعهم، وقيل: إنهم مروا بكلب فتبعهم فطردوه فعاد ففعلوا ذلك مرارا، فقال لهم: ما تريدون مني؟ لا تخشوا خيانتي فأنا أحب أولياء الله فنوموا حتى أحرسكم، وقيل: كان كلب صيدهم " بالوصيد " بفناء الكهف، وقيل: الوصيد: الباب، وقيل: العتبة " ولملئت منهم رعبا " خوفا يملا صدرك لما ألبسهم الله من الهيبة، أو لعظم أجرامهم وانفتاح عيونهم، وقيل: لوحشة مكانهم.
وقال الطبرسي: روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: غزوت مع معاوية نحو الروم فمروا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، فقال معاوية: لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم، فقلت له: ليس هذا لك فقد منع ذلك من هو خير منك، قال الله: " لو اطلعت " الآية، فقال معاوية: لا أنتهي حتى أعلم علمهم، فبعث رجالا فلما دخلوا الكهف أرسل الله عليهم ريحا أخرجتهم. (2)