في الإنجيل قول عيسى عليه السلام: إني ذاهب إلى ربكم وربي، (1) والبارقليطا جائي، (2) هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت له، وهو الذي يفسر لكم كل شئ، وهو الذي يبدي فضائح الأمم، وهو الذي يكسر عمود الكفر؟ فقال الجاثليق: ما ذكرت شيئا في الإنجيل (3) إلا ونحن مقرون به، فقال: أتجد هذا في الإنجيل ثابتا؟ قال: نعم. قال الرضا عليه السلام: يا جاثليق ألا تخبرني عن الإنجيل الأول حين افتقدتموه عند من وجدتموه ومن وضع لكم هذا الإنجيل؟ قال له: ما افتقدنا الإنجيل إلا يوما واحدا حتى وجدناه غضا طريا فأخرجه إلينا يوحنا ومتى، فقال له الرضا عليه السلام: ما أقل معرفتك بسر الإنجيل وعلمائه! (4) فإن كان هذا كما تزعم فلم اختلفتم في الإنجيل؟ وإنما وقع الاختلاف في هذا الإنجيل الذي في أيديكم اليوم، فلو كان على العهد الأول لم تختلفوا فيه، ولكني مفيدك علم ذلك:
اعلم أنه لما افتقد الإنجيل الأول اجتمعت النصارى إلى علمائهم فقالوا لهم:
قتل عيسى بن مريم وافتقدنا الإنجيل وأنتم العلماء فما عندكم؟ فقال لهم الوقا و مرقابوس: (5) إن الإنجيل في صدورنا ونحن نخرجه إليكم سفرا سفرا في كل أحد، فلا تحزنوا عليه ولا تخلوا الكنائس، فإنا سنتلوه عليكم في كل أحد سفرا سفرا حتى نجمعه كله، فقعد الوقا ومر قابوس ويوحنا ومتى فوضعوا لكم هذا الإنجيل بعدما افتقدتم الإنجيل الأول، وإنما كان هؤلاء الأربعة تلاميذا لتلاميذ الأولين، أعلمت ذلك؟ قال الجاثليق: أما هذا فلم أعلمه (6) وقد علمته الآن، وقد بان لي من فضل علمك بالإنجيل وسمعت أشياء مما علمته شهد قلبي أنها حق، فاستزدت كثيرا من الفهم