58 - وقيل: بينما عيسى بن مريم عليه السلام جالس وشيخ يعمل بمسحاة ويثير الأرض، (1) فقال عيسى عليه السلام: اللهم انزع منه الامل، فوضع الشيخ المسحاة واضطجع فلبث ساعة، فقال عيسى: اللهم أردد إليه الامل، فقام فجعل يعمل، فسأله عيسى عن ذلك فقال: بينما أنا أعمل إذ قالت لي نفسي: إلى متى تعمل وأنت شيخ كبير؟ فألقيت المسحاة واضطجعت، ثم قالت لي نفسي: والله لابد لك من عيش ما بقيت، فقمت إلى مسحاتي. (2) 59 - وقال عليه السلام: بماذا نفع امرؤ نفسه؟ باعها بجميع ما في الدنيا ثم ترك ما باعها به ميراثا لغيره وأهلك نفسه، ولكن طوبى لامرئ خلص نفسه واختارها على جميع الدنيا. (3) 60 - وروي أنه عليه السلام ذم المال وقال: فيه ثلاث خصال، فقيل: وما هن يا روح الله؟
قال: يكسبه المرء من غير حله، وإن هو كسبه من حله منعه من حقه، وإن هو وضعه في حقه شغله إصلاحه عن عبادة ربه. (4) 61 - وكان عليه السلام إذا مر بدار قد مات أهلها وخلف فيها غيرهم يقول: ويحا لأربابك الذين ورثوك كيف لم يعتبروا بإخوانهم الماضين. (5) 62 - وكان يقول: يا دار تخربين وتفنى سكانك، ويا نفس اعملي ترزقي، ويا جسد انصب تسترح. (6) 63 - وكان عليه السلام يقول: يا ابن آدم الضعيف اتق ربك، وألق طمعك، وكن في الدنيا ضعيفا، وعن شهوتك عفيفا، عود جسمك الصبر، وقلبك الفكر، ولا تحبس لغد رزقا فإنها خطيئة عليك، وأكثر حمد الله على الفقر فإن من العصمة أن لا تقدر على ما تريد. (7)