مقدور الله سبحانه بلا خلاف بين المسلمين فيه، ويجوز أن يفعله الله سبحانه على وجه التغليظ للمحنة والتشديد في التكليف وإن كان ذلك خارقا للعادة، فإنه يكون معجزا للمسيح عليه السلام، كما روي أن جبرئيل عليه السلام كان يأتي نبينا صلى الله عليه وآله في صورة دحية الكلبي.
ومما يسأل على هذه الآية أن يقال: قد تواترت اليهود والنصارى مع كثرتهم و اجتمعت على أن المسيح قتل وصلب، فكيف يجوز عليهم أن يخبروا عن الشئ بخلاف ما هو به؟ ولو جاز ذلك فكيف يوثق بشئ من الاخبار؟
والجواب: أن هؤلاء دخلت عليهم الشبهة، كما أخبر الله سبحانه عنهم بذلك، فلم يكن اليهود يعرفون عيسى عليه السلام بعينه، وإنما أخبروا أنهم قتلوا رجلا قيل لهم إنه عيسى، فهم في خبرهم صادقون وإن لم يكن المقتول عيسى، وإنما اشتبه الامر على النصارى لأنه شبه عيسى ألقي على غيره فرأوا من هو على صورته مقتولا مصلوبا، فلم يخبر أحد من الفريقين إلا عما رآه وظن أن الامر على ما أخبر به فلا يؤدي ذلك إلي بطلان الاخبار بحال. (1) وقال رحمه الله في قوله تعالى: " إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي " قيل في معناه أقوال:
أحدها أن المراد به أني قابضك برفعك من الأرض إلى السماء من غير وفاة بموت عن الحسن وكعب وابن جريح وابن زيد والكلبي وغيرهم، وعلى هذا القول يكون للمتوفي تأويلان:
أحدهما: إني رافعك إلي وافيا لم ينالوا منك شيئا، من قولهم: توفيت كذا واستوفيته، أي أخذته تاما. والآخر: إني متسلمك، من قولهم: توفيت منك (2) كذا أي تسلمته.
وثانيها: إني متوفيك وفاة نوم، ورافعك إلي في النوم، عن الربيع، قال: رفعه نائما، ويدل عليه قوله: " وهو الذي يتوفاكم بالليل (3) " أي ينيمكم، إن النوم أخو