بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٤ - الصفحة ٢١١
إن أمير المؤمنين عليه السلام لما رجع من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء، (1) فقال للناس: إنها الزوراء فسيروا وجنبوا عنها، فإن الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة، فلما أتى يمنة (2) السواد إذا هو براهب في صومعة له، فقال له الراهب: لا تنزل هذه الأرض بجيشك قال: ولم؟ قال: لأنها لا ينزلها إلا نبي أو وصي نبي يقاتل (3) في سبيل الله عز وجل هكذا نجد في كتبنا، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أنا وصي سيد الأنبياء، وسيد الأوصياء فقال له الراهب: فأنت إذن أصلع قريش، ووصي محمد، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أنا ذلك، فنزل الراهب إليه فقال: خذ علي شرائع الاسلام، إني وجدت في الإنجيل نعتك وأنك تنزل أرض براثا (4) بيت مريم وأرض عيسى عليه السلام، (5) فأتى أمير المؤمنين عليه السلام موضعا

(1) قال ياقوت في المعجم: زوراء: دجلة بغداد، وارض بذي خيم، وحكى عن الأزهري أن مدينة الزوراء ببغداد في الجانب الشرقي، وعن غيره أنها مدينة أبي جعفر المنصور وهي في الجانب الغربي. ودار بناها النعمان بن منذر بالحيرة.
وقال: زوراء: فلج، وفلج ما بين الرحيل إلى المجازة وهي أول الدهناء. قلت: الظاهر أن المراد ههنا هو بغداد.
(2) في المصدر: فلما أتى موضعا من أرضها قال: ما هذه الأرض؟ قيل: أرض بحرا، فقال:
ارض سباخ جنبوا ويمنوا، فلما أتى يمنة السواد وإذا هو براهب في صومعة له، فقال له: يا راهب انزل ههنا، فقال له الراهب: لا تنزل اه‍.
(3) في المصدر: بجيشه يقاتل.
(4) قال ياقوت: براثا محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محول، و كان لها جامع مفرد تصلى فيه الشيعة وقد خرب عن آخره، وكذلك المحلة لم يبق لها أثر، فاما الجامع فأدركت أنا بقايا من حيطانه وقد خربت في عصرنا واستعملت في الأبنية، وفي سنة 329 فرغ من جامع براثا وأقيمت فيه الخطبة، وكان قبل مسجدا يجتمع فيه قوم من الشيعة يسبون الصحابة فكبسه الراضي بالله وأخذ من وجده فيه وحبسهم وهدمه حتى سوى به الأرض، وأنهى الشيعة خبره إلى بجكم الماكاني أمير الامراء ببغداد فأمر بإعادة بنائه وتوسيعه واحكامه، وكانت براثا قبل بناء بغداد قرية يزعمون أن عليا عليه السلام مر بها لما خرج لقتال الحرورية بالنهروان وصلى في موضع من الجامع المذكور، وذكر أنه دخل حماما كان في هذه القرية، وقيل: بل الحمام كان بالعتيقة محلة ببغداد خربت أيضا.
(5) في المصدر ههنا زيادة وهي هذه: فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قف ولا تخبرنا بشئ. ثم أتى موضعا فقال: الكزوا هذه فألكزه برجله عليه السلام إه‍. قلت: لكزه: ضربه.
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست