شيطانهن في صورة امرأة وهي الدلهاث (1) بنت إبليس وهي أخت الشيصار كانتا في بيضة واحدة فشبهت إلى النساء (2) ركوب بعضهن بعضا وعلمتهن كيف يصنعن، فأصل ركوب النساء بعضهن بعضا من الدلهاث، فسلط الله على ذلك القرن (3) صاعقة في أول الليل، وخسفا في آخر الليل، وصيحة مع الشمس، فلم يبق منهم باقية، وبادت مساكنهم، ولا أحسب منازلهم اليوم تسكن. انتهى (4) أقول: إنما أوردنا تلك الرواية بطولها لكونها كالشرح لروايتي يعقوب وهشام بل لا يبعد أن يكون من قوله: (قال بعض العلماء) إلى آخره رواية يعقوب بعينها، إذ كثيرا ما ينقل الثعلبي روايات الشيعة في كتابه هكذا، والراوندي رحمه الله دأبه الاختصار في الاخبار، فكثيرا ما وجدناه ترك من خبر رواه عن الصدوق رحمه الله أكثر من ثلاثة أرباعه، وإنما أوردنا قصة أصحاب الرس في هذا الموضع لما ورد في الخبر أنهم كانوا بعد سليمان عليه السلام ومنهم من ذكرها قبل قصص إبراهيم عليه السلام بناء على أنهم من بقية قوم ثمود والصدوق أوردهم بعد قصص إبراهيم وقبل يعقوب عليهما السلام، وقد ذكرهم الله في سورة الفرقان بعد ثمود، وفي سورة ق قبلهم.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " وأصحاب الرس " هو بئر رسوا فيها نبيهم أي ألقوه فيها، عن عكرمة، وقيل: إنهم كانوا أصحاب مواش ولهم بئر يقعدون عليها، وكانوا يعبدون الأصنام، فبعث الله إليهم شعيبا فكذبوه فانهار البئر (5) وانخسف بهم الأرض فهلكوا، عن وهب، وقيل: الرس: قرية باليمامة يقال لها: فلح، قتلوا نبيهم فأهلكهم الله، عن قتادة، وقيل: كان لهم نبي يسمى حنظلة فقتلوه فأهلكوا، عن سعيد بن جبير والكلبي، وقيل: هم أصحاب الرس والرس: بئر بأنطاكية، قتلوا فيها حبيبا النجار