سببته لي، وأنت فيما أستقبل رجائي وثقتي، فلك الحمد بلا عمل صالح سلف مني، و أنت أعلم مني بنفسي، أسألك أن تؤخر عني الموت، وتنسئ (1) لي في عمري، وتستعملني بما تحب وترضى، فأوحى الله تعالى إلى شعيا إني رحمت تضرعه، واستجبت دعوته، و قد زدت في عمره خمس عشرة سنة، فمره فليداو قرحته بماء التين فإني قد جعلته شفاء مما هو فيه، وإني قد كفيته وبني إسرائيل مؤونة عدوهم، فلما أصبحوا وجدوا جنود ملك بابل مصروعين في عسكرهم موتى، لم يفلت منهم أحد إلا ملكهم وخمسة نفر (2) فلما نظروا إلى أصحابهم وما أصابهم كروا منهزمين إلى أرض بابل، وثبت بنو إسرائيل متوازرين على الخير، فلما مات ملكهم ابتدعوا البدع، ودع كل إلى نفسه، وشعيا عليه السلام يأمرهم وينهاهم فلا يقبلون حتى أهلكهم الله.
وعن أنس أن عبد الله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وآله عن شعيا عليه السلام فقال: هو الذي بشر بي وبأخي عيسى بن مريم عليه السلام. (3) أقول: قال صاحب الكامل بعد أن ذكر نحوا مما رواه وهب: قيل: إن شعيا أوحى الله إليه ليقوم في بني إسرائيل يذكرهم بما يوحى على لسانه لما كثرت فيهم الاحداث، ففعل فعدوا عليه ليقتلوه فهرب منهم فلقيته شجرة فانفلقت له فدخلها، وأخذ الشيطان يهدب ثوبه وأراه بني إسرائيل فوضعوا المنشار على الشجرة فنشروها حتى قطعوه في وسطها. (4) أقول: سيأتي بعض أحواله في باب قصص بخت نصر.
3 - الإحتجاج، عيون أخبار الرضا (ع)، التوحيد: عن الحسن بن محمد النوفلي، عن الرضا عليه السلام فيما احتج على أرباب الملل قال عليه السلام للجاثليق: يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا؟ قال: أعرفه حرفا حرفا، فقال له ولرأس الجالوت: أتعرفان هذا من كلامه: " يا قوم إني رأيت صورة راكب الحمار