الطير منتنا (1) وأخبثه ريحا، قال: إنه يبصر الماء من وراء الصفا الأصم: فقال: وكيف يبصر الماء من وراء الصفا وإنما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يأخذ بعقبه؟ (2) فقال سليمان: قف يا وقاف إنه إذا جاء القدر حال دون البصر. (3) بيان: قوله: (حتى يأخذ بعقبه) أي يأخذ الفخ برجله، وفي بعض النسخ: بعنقه، وفي بعضها: رقبته، أي يأخذ الفخ أو الصائد رقبته.
وقال الفيروزآبادي: الوقاف: المتأني. والمحجم عن القتال.
أقول: ما ذكره علي بن إبراهيم في تأويل تلك الآيات كلها موافقة لروايات المخالفين، وإنما أولها علماؤنا على وجوه أخر: قال الصدوق رحمه الله في الفقيه: قال زرارة والفضيل: قلنا لأبي جعفر عليه السلام: أرأيت قول الله عز وجل: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا "؟ قال: يعني كتابا مفروضا، وليس يعني وقت فوتها إن جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاة مؤداة، ولو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود عليه السلام حين صلاها بغير وقتها، ولكنه متى ذكرها صلاها.
ثم قال رحمه الله: إن الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان عليه السلام اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارث الشمس بالحجاب، ثم أمر برد الخيل وأمر بضرب سوقها وأعناقها، وقال: إنها شغلتني عن ذكر ربي، وليس كما يقولون، جل نبي الله سليمان عليه السلام عن مثل هذا الفعل، لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها وأعناقها لأنها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله، وإنما عرضت عليه وهي بهائم غير مكلفة.
والصحيح في ذلك ما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: إن سليمان بن داود عليه السلام عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل، فاشتغل بالنظر إليها حتى توارث الشمس بالحجاب فقال للملائكة: ردوا الشمس علي حتى أصلي صلاتي في وقتها، فردوها فقام فطفق مسح ساقيه وعنقه، وأمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك، وكان ذلك وضوؤهم