بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٧٦
من البحر طائفة منكم يسلكون طريقا يابسا فوقع الفرق بكم " وأغرقنا آل فرعون " لم يذكر فرعون لظهوره وذكره في مواضع ويجوز أن يريد بآل فرعون نفسه.
" وأنتم تنظرون " أي تشاهدون أنهم يغرقون، وجملة القصة ما ذكره ابن عباس أن الله تعالى أوحى إلى موسى: أن أسر ببني إسرائيل من مصر، فسرى موسى ببني إسرائيل ليلا فأتبعهم فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث، وكان موسى في ستمائة ألف وعشرين ألفا، فلما عاينهم فرعون قال: " إن هؤلاء لشرذمة قليلون " إلى قوله: " حاذرون " فسرى موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر فالتفتوا فإذا هم برهج (1) دواب فرعون، فقالوا: يا موسى " أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا " هذا البحر أمامنا، وهذا فرعون قد رهقنا (2) بمن معه، فقال موسى: " عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون " فقال له يوشع بن نون: بم أمرت؟ قال: أمرت أن أضرب بعصاي البحر، قال: اضرب، وكان الله أوحى إلى البحر:
أن أطع موسى إذا ضربك، قال: فبات البحر له أفكل (3) أي رعدة لا يدري في أي جوانبه يضربه، فضرب بعصاه البحر فانفلق وظهر اثنا عشر طريقا، فكان لكل سبط منهم طريق يأخذون فيه، فقالوا: إنا لا نسلك طريقا نديا، فأرسل الله ريح الصبا حتى جففت الطريق كما قال: " فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا " فجروا، فلما أخذوا في الطريق قال بعضهم لبعض: مالنا لا نرى أصحابنا؟ فقالوا لموسى: أين أصحابنا؟ فقال: في طريق مثل طريقكم، فقالوا: لا نرضى حتى نراهم، فقال موسى عليه السلام: اللهم أعني على أخلاقهم السيئة، فأوحى الله إليه: أن قل بعصاك (4) هكذا وهكذا يمينا وشمالا، فأشار بعصاه يمينا وشمالا فظهر كالكو (5) ينظر منها بعضهم إلى بعض، فلما انتهى فرعون إلى ساحل البحر وكان

(1) الرهج: ما أثير من الغبار.
(2) أي لحقنا ودنا منا.
(3) في نسخة: فبان له البحر أفكل. والافكل: الرعدة يقال: أخذه أفكل - بالتنوين -: إذا ارتعد من خوف أو برد.
(4) كذا في النسخة، وفى المصدر: ان مل بعصاك.
(5) الكو والكوة: الخرق في الحائط.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست