فخرج إليهم الناس فعجزوا عن دفنهم، فحظروا عليهم حظيرة (1) دون السباع، وتركوهم فيها، قالوا: وأتى على ذلك مدة حتى بليت أجسادهم، وعريت عظامهم، وقطعت (2) أوصالهم، فمر عليهم حزقيل فجعل يتفكر فيهم متعجبا منهم، فأوحى الله إليه: يا حزقيل تريد أن أريك آية؟ وأريك كيف أحيي الموتى؟ قال: نعم، فأحياهم الله عز وجل، وقيل: إنهم كانوا قوم حزقيل فأحياهم الله بعد ثمانية أيام، وذلك أنه لما أصابهم ذلك خرج حزقيل في طلبهم فوجدهم موتى فبكى، ثم قال: يا رب كنت في قوم يحمدونك ويسبحونك ويقدسونك، فبقيت وحيدا لا قوم لي، فأوحى الله تعالى إليه: قد جعلنا حياتهم إليك. فقال حزقيل: أحيوا بإذن الله، فعاشوا. (3) 6 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد وغيره عن بعضهم عن أبي عبد الله وبعضهم عن أبي جعفر عليهما السلام في قول الله عز وجل: " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " فقال:
إن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام، وكانوا سبعين ألف بيت، وكان الطاعون يقع فيهم في كل أوان، فكانوا إذا أحسوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوتهم، وبقي فيها الفقراء لضعفهم، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ويقل في الذين خرجوا فيقول الذين خرجوا:
لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت، ويقول الذين أقاموا: لو كنا خرجنا لقل فينا الموت، قال: فاجتمع رأيهم جميعا على أنه إذا وقع الطاعون وأحسوا به خرجوا كلهم من المدينة، قلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميعا وتنحوا عن الطاعون حذر الموت فصاروا في البلاد (4) ما شاء الله، ثم إنهم مروا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون فنزلوا بها، فلما حطوا رحالهم واطمأنوا قال لهم الله عز وجل: موتوا جميعا، فماتوا من ساعتهم وصاروا رميما يلوح، وكانوا على طريق المارة فكنستهم المارة فنحوهم وجمعوهم في موضع، فمر