وثانيها: أنهم قوم من بني إسرائيل تمسكوا بالحق وبشريعة موسى عليه السلام في وقت ضلالة القوم وقتلهم أنبياءهم، وكان ذلك قبل نسخ شريعتهم بشريعة عيسى عليه السلام فالتقدير:
كانوا يهدون.
وثالثها: أنهم الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله مثل عبد الله بن سلام وابن صوريا وغيرهما وفي حديث أبي حمزة الثمالي والحكم بن ظهير أن موسى لما أخذ الألواح قال: رب إني أجد في الألواح أمة هي خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق، السابقون في دخول الجنة فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إني أجد في الألواح أمة كتبهم في صدورهم يقرؤونها فاجعلهم أمتي، قال:
تلك أمة أحمد، قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتب له عشر أمثالها، وإن هم بسيئة ولم يعملها لم يكتب عليه، وإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر، ويقاتلون الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الشافعون وهم المشفوع لهم فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد. قال موسى:
رب اجعلني من أمة أحمد. قال أبو حمزة: فاعطي موسى آيتين لم يعطوها - يعني أمة أحمد - قال الله: يا موسى " إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي " وقال: " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " قال: فرضي موسى كل الرضاء.
وفي حديث غير أبي حمزة: قال النبي صلى الله عليه وآله لما قرأ " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ": هذه لكم، وقد أعطى الله قوم موسى مثلها.
" وقطعناهم اثنتي عشر أسباطا أمما " أي وفرقنا بني إسرائيل اثنتي عشرة فرقة " أسباطا " يعني أولاد يعقوب عليه السلام فإنهم كانوا اثني عشر، وكان لكل واحد منهم أولاد ونسل فصار كل فرقة منهم سبطا وأمة، وإنما جعلهم سبحانه أمما ليتميزوا في مشربهم ومطعمهم، ويرجع كل أمة منهم إلى رئيسهم، فيخف الامر على موسى ولا يقع بينهم