بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ١٧١
تصريف نفسي في طاعتك " وأخي " أي وأخي كذلك لا يملك إلا نفسه، أو لا أملك أيضا إلا أخي لأنه يجيبني إذا دعوت " فافرق " أي فافصل " بيننا " وبينهم بحكمك فإنها " أي الأرض المقدسة " محرمة عليهم " تحريم منع، وقيل: تحريم تعبد " يتيهون " أي يتحيرون في المسافة التي بينهم وبينها لا يهتدون إلى الخروج منها. وقال أكثر المفسرين: إن موسى وهارون كانا معهم في التيه، وقيل: لم يكونا فيه لان التيه عذاب وعذبوا عن كل يوم عبدوا فيه العجل سنة، والأنبياء لا يعذبون، قال الزجاج إن كانا في التيه فجائز أن يكون الله سهل عليهما ذلك، كما سهل على إبراهيم النار فجعلها عليه بردا وسلاما.
ومتى قيل: كيف يجوز على عقلاء كثيرين أن يسيروا في فراسخ يسيرة فلا يهتدوا للخروج منها؟ فالجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك بأن تحول الأرض التي هم عليها إذا ناموا وردوا إلى المكان الذي ابتدؤوا منه.
والآخر أن يكون بالأسباب المانعة عن الخروج عنها، إما بأن تمحى العلامات التي يستدل بها، أو بأن يلقى شبه بعضها على بعض، ويكون ذلك معجزا خارقا للعادة.
وقال قتادة: لم يدخل بلد الحبارين أحد من القوم إلا يوشع وكالب بعد موت موسى بشهرين، وإنما دخلها أولادهم معهما " فلا تأس على القوم الفاسقين " أي لا تحزن على هلاكهم لفسقهم. (1) " يعكفون على أصنام لهم " أي يقبلون عليها، ملازمين لها، مقيمين عندها يعبدونها، قال قتادة: كان أولئك القوم من لخم (2) وكانوا نزولا بالرقة. (3) وقال ابن جريح: كانت تماثيل بقر (4) وذلك أول شأن العجل " إنكم قوم تجهلون "

(1) مجمع البيان 3: 178 - 182.
(2) اسم لخم مالك بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سأبن يشجب ين يعرب بن قحطان.
(3) الرقة بفتح أوله وثانيه وتشديده مدينة مشهورة على الفرات، معدودة في بلاد الجزيرة.
(4) وقيل: وكانوا يعبدون المشترى ويحجون إلى صنم في مشارف الشام يقال له الأقيصر.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست