الثاني: أنه عليه السلام كان عارفا بعدم صلاحيتها للربوبية، ولكن قال ذلك في مقام الاحتجاج على عبدة الكواكب على سبيل الفرض الشائع عند المناظرة، فكأنه أعاد كلام الخصم ليلزم عليه المحال، ويؤيده قوله تعالى بعد ذلك: " وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم ".
الثالث: أن يكون المراد: هذا ربي في زعمكم واعتقادكم، ونظيره أن يقول الموحد للمجسم: إن إلهه جسم محدود، أي في زعمه واعتقاده، وقوله تعالى: " وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا ".
الرابع: أن المراد منه الاستفهام على سبيل الانكار إلا أنه أسقط حرف الاستفهام عنه كما هو الشائع.
الخامس: أن يكون القول مضمرا فيه، والتقدير، قال: يقولون هذا ربي، و إضمار القول كثير، كقوله تعالى: " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا " (1) أي يقولان.
السادس: أن يكون قوله ذلك على سبيل الاستهزاء كما يقال لذليل ساد قوما: هذا سيدكم! على وجه الهزؤ.
السابع: أنه عليه السلام أراد أن يبطل قولهم بربوبية الكواكب إلا أنه كان قد عرف من تقليدهم لأسلافهم وبعد طبائعهم عن قبول الدلائل أنه لو صرح بالدعوة إلى الله لم يقبلوه ولم يلتفتوا إليه، فمال إلى طريق به يستدرجهم إلى استماع الحجة، وذلك بأنه ذكر كلاما يوهم كونه مساعدا لهم على مذهبهم، مع أن قلبه كان مطمئنا بالايمان فكأنه بمنزلة المكره على إجراء كلمة الكفر على اللسان على وجه المصلحة لاحياء الخلق بالايمان.
الرابعة وجه استدلاله عليه السلام بالأفول على عدم صلاحيتها للربوبية، قال الرازي في تفسيره: الأفول عبارة عن غيبوبة الشئ بعد ظهوره. وإذا عرفت هذا فلسائل أن يقول:
الأفول إنما يدل على الحدوث من حيث إنه حركة، وعلى هذا يكون الطلوع أيضا دليلا على