بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٥٤
ما أضافه إلى زيد، وقد قرأ محمد بن السميع اليماني: " فعله كبيرهم " بتشديد اللام، والمعنى فلعله أي فلعل فاعل ذلك كبيرهم، وقد جرت عادة العرب بحذف اللام الأولى من لعل انتهى. (1) الثاني: أنه لم يكن قصد إبراهيم عليه السلام إلى أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم، وإنما قصد تقريره لنفسه وإثباته لها على وجه تعريضي، وهذا كما لو قال لك صاحبك وقد كتبت كتابا بخط رشيق وأنت تحسن الخط: أنت كتبت هذا؟ وصاحبك أمي لا يحسن الخط، فقلت له: بل كتبت أنت! كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء، لا نفيه عنك.
والثالث: أن إبراهيم عليه السلام غاظته تلك الأصنام حين أبصرها مصففة مرتبة، فكان غيظه من كبيرتها أشد لما رأى من زيادة تعظيمهم لها، فأسند الفعل إليه لأنه هو السبب في استهانته وحطمه لها، والفعل كما يسند إلى مباشره يسند إلى الحامل عليه.
والرابع: أن يكون حكاية لما يلزم على مذهبهم، كأنه قال: نعم ما تنكرون أن يفعله كبيرهم فإن من حق من يعبد أو يدعى إلها أن يقدر على هذا وأشد منه، أو أنه يلزمكم على قولكم أن لا يقدر على كسرهم إلا إله أكبر منهم، فإن غير الاله لا يقدر أن يكسر الاله.
والخامس: أنه كناية عن غير مذكور، أي فعله من فعله، وكبيرهم ابتداء كلام.
والسادس: ما يروى عن الكسائي أنه كان يقف عند قوله: " كبيرهم " ثم يبتدء فيقول: " هذا فاسئلوهم " والمعنى: بل فعله كبيرهم وعنى نفسه لان الانسان أكبر من كل صنم.
أقول: قد مضى في باب العصمية الخبر الدال على الوجه الأول، ويظهر من كثير من الاخبار أن هذا صدر عنه عليه السلام على وجه التورية والمصلحة، ويمكن توجيه التورية ببعض الوجوه المتقدمة، وروى الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار،

(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست