بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٤٦
من القبط يقال له عرارة، فمر بعاشر له فاعترضه العاشر (1) ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت قال العاشر لإبراهيم عليه السلام: افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه، فقال له إبراهيم عليه السلام: قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عشره ولا نفتحه، قال: فأبى العاشر إلا فتحه، قال: وغضب إبراهيم عليه السلام على فتحه، فلما بدت له سارة وكانت موصوفة بالحسن والجمال قال له العاشر: ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم: هي حرمتي وابنة خالتي، فقال له العاشر: فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم عليه السلام: الغيرة عليها أن يراها أحد، فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها وحالك، قال: فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه فبعث الملك رسولا من قبله ليأتوه بالتابوت فأتوا ليذهبوا به، فقال لهم إبراهيم عليه السلام: إني لست أفارق التابوت حتى يفارق روحي جسدي، فأخبروا الملك بذلك فأرسل الملك أن احملوه والتابوت معه، فحملوا إبراهيم عليه السلام والتابوت وجميع ما كان معه حتى ادخل على الملك، فقال له الملك: افتح التابوت، فقال له إبراهيم عليه السلام: أيها الملك إن فيه حرمتي وبنت خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع ما معي، قال: فغصب الملك إبراهيم على فتحه، فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مد يده إليها، فأعرض إبراهيم عليه السلام وجهه عنها وعنه غيرة منه وقال: اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي، فلم تصل يده إليها ولم ترجع إليه، فقال له الملك: إن إلهك هو الذي فعل بي هذا؟ فقال له: نعم إن إلهي غيور يكره الحرام، وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من الحرام، فقال له الملك:
فادع إلهك يرد علي يدي فإن أجابك فلم أعرض لها، فقال إبراهيم عليه السلام: إلهي رد إليه يده ليكف عن حرمتي، قال: فرد الله عز وجل إليه يده فأقبل الملك نحوها ببصره ثم عاد بيده نحوها، فأعرض إبراهيم عنه بوجهه غيرة منه وقال: اللهم احبس يده عنها، قال:
فيبست يده ولم تصل إليها، فقال الملك لإبراهيم عليه السلام: إن إلهك لغيور وإنك لغيور فادع إلهك يرد علي يدي فإنه إن فعل لم أعد، فقال إبراهيم عليه السلام: أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله، فقال له الملك: نعم، فقال إبراهيم: اللهم إن كان صادقا فرد يده عليه فرجعت إليه يده، فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى ورأي الآية

(1) العاشر: آخذ العشر.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست