بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٤٣
إليه، وكان فيهم شاب حدث السن فقعدوا إليه فقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا إذا سألناه وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يتبل به أحد إلا من أمر كنت تستره، فقال أيوب: وعزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا ويتيم أو ضعيف يأكل معي، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني، فقال الشاب: سوأة لكم عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظهره من عبادة ربه (1) ما كان يسترها؟ فقال أيوب:
يا رب لو جلست مجلس الحكم منك لادليت بحجتي، فبعث الله إليه غمامة فقال: يا أيوب أدلني بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم (2) وها أنا ذا قريب ولم أزل، فقال: يا رب إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك؟ ألم أشكرك؟ ألن أسبحك؟ قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب من صيرك تعبد الله والناس عنه غافلون؟ وتحمده وتسبحه وتكبره والناس عنه غافلون؟
أتمن على الله بما لله المن فيه عليك؟. (3) قال: فأخذ أيوب التراب فوضعه في فيه، ثم قال: لك العتبى يا رب أنت الذي فعلت ذلك بي، قال: فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله فخرج الماء فغسله بذلك الماء، فعاد أحسن ما كان وأطرأ، وأنبت الله عليه روضة خضراء، ورد عليه أهله وماله وولده وزرعه، وقعد معه الملك يحدثه ويؤنسه، فأقبلت امرأته ومعها الكسر (4) فلما انتهت إلى الموضع إذا الموضع متغير وإذا رجلان جالسان، فبكت وصاحت وقالت: يا أيوب ما دهاك؟ فناداها أيوب فأقبلت فلما رأته وقد رد الله عليه بدنه ونعمته سجدت لله شكرا، فرأى ذوائبها (5) مقطوعة، وذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب من الطعام وكانت حسنة الذؤابة فقالوا لها: تبيعينا ذؤابتك هذه حتى نعطيك، فقطعتها و

(1) في نسخة: حتى اظهر من عبادة الله.
(2) " ": فقد أقعدتك مقعد الخصم.
(3) " ": وفى المصدر: بما لله فيه المنة عليك. م (4) الكسر: الجزء من العضو. أو جزء من العظم مع ما عليه من اللحم.
(5) في نسخة: فرأى ذؤابتها مقطوعة.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست